كتبت - دعاء الفولي:
فرشة صغيرة على الأرض، تكسو أجزاء منها ''بطانية'' خشنة قديمة، بجانبها تمكث ''عربة فول'' قديمة، وبداخلها صندوق وضع داخله ''سلامة'' كل ما يملك؛ بعض الملابس، شاحن للتليفون المحمول، وبعض أدوات الحدادة التي يستخدمها في إصلاح اللعب وترميمها.
وسط سوق ممتليء بالجزارين بمنطقة السيدة زينب، وبينما ينشط موسم عيد الأضحى جلس ''سلامة''، الخمسيني العمر، ينتظر ''زبائن'' من نوع آخر؛ فوجوده في ''السيدة'' منذ فترة طويلة جعل ''المرجحتان'' اللتان يمتلكهما ويضعهما في الشارع؛ هما مصدر متعة الأطفال بالمنطقة، وأبعد عنه مضايقات الباعة من حوله، لكن لم يبعد عنه مضايقات موظفي الحي والشرطة، حسب قوله.
''إحنا هنا من يّجي 40 سنة''.. قالها ''سلامة'' الذي لا يتوقف عمله على تأجير ''المراجيح'' التي يمتلكها للأطفال، بل ويصنعها أيضًا، فهو ''إحنا عندنا ورشة هنا في السيدة بنعمل فيها المراجيح''، كما أنه المسؤول عن حراسة الألعاب، ولذلك ينام بجانب ''المراجيح''.
الموالد التي تُنظم في أماكن مختلفة بمصر هي أحد أبواب رزق ''سلامة''؛ حيث أنه اعتاد الخروج في العديد منها بـ''السيدة زينب وحلمية الزيتون وحتى طنطا والصعيد''، ولكن الحال بالنسبة للموالد لم يعد كما كان ''من ساعة ما الثورة قامت الدنيا مبقتش زي الأول، وأنا بقيت بخاف من الموالد عشان بقي في خطر وبيبقى في عيال، أخاف حد يرمي حاجة جنب المرجيحة الناس تموت''، ولذلك هو يجد في ''السيدة زينب'' ملاذًا آمنا ''الناس كلها عارفاني هنا''.
السيدة زينب هي منطقته ''سلامة'' لذلك فهو لا يحصل من الطفل سوى على ''نص جنيه'' مقابل ربع ساعة على ''المرجيحة''، و''ساعات بسيب العيل نص ساعة، الأطفال أحباب الله''، وفي الأيام العادية لا يبدأ ''سلامة'' فتح اللعبتين إلا قرب الظهيرة ولا يغلقهما إلا على حسب وجود أطفال أو لا، أما ومع اقتراب موسم عيد الأضحى؛ فالوضع يختلف ''في العيد بفتح المراجيح من بعد صلاة العيد لحد بليل كده''، مضيفًا أن سعر ''الربع ساعة'' يرتفع ليصل لجنيه بدلاً من نصف جنيه.
لا يعتمد ''سلامة'' على لعبتين فقط، بين الحين والآخر يبدل إحداهما ويأتي بأخرى من ورشته بعد تصنيعها، ذلك يجعل الصغار أكثر إقبالاً على اللعب حتى وإن قل عددها، كما أن الاهتمام بصيانتها أمرًا يفعله ''سلامة'' دائمًا خوفًا على حياة الأطفال.
موظفو الحي هم مشكلة ''سلامة'' الرئيسية ''كل شوية يجوا يقولولي شيل حاجتك وأمشي..أمشي أروح فين؟!، لو مشيت من هنا هسرق''، مبديًا اعتراضه على ما يفعله الموظفون الذين طبقًا لزعمه، لا يسائلون باقي الباعة الموجودين حوله في الشارع سواء باعة الفاكهة أو الجائلين لأنهم ''بيدفعوا لهم فلوس كل أسبوع ع الوقفة بتاعتهم، وأنا معييش أدفع''، مضيفًا أنه لا مشكلة له في تأجير قطعة الأرض الصغيرة التي يقف عليها ويضع عليها أشيائه، مقابل مبلغ شهري بسيط بدلا من ''بقوا ييجوا كل شوية يمرمطوني، وفي ظباط من القسم ييجوا يفتشوني، وأنا معييش حاجة وشكلي بقى صعب وسط الناس''، على حد قوله.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك ...اضغط هنا