كتب - دعاء الفولى ويسرا سلامة:
لحظات تمر؛ ينتظر الناس على باب المستودع أو بجانب العربة المُحملة بالأنابيب للحصول على بديل للأنبوبة الفارغة، يطول الانتظار أو يقصر، يحصل بعضهم على الأنابيب لتبدأ رحلة نقلها إلى المنزل، وإذا كانوا سعداء الحظ قد يجدوا من يوصلها لهم، الرقم الذي سيُدفع لعامل التوصيل يخضع لاتفاق بين ''الزبون'' والعامل، أما إذا تم تحديد سعر التوصيل فقد يُرضي ذلك ''الزبون'' ويغضب العامل الذي قد يضطر لحمل الأنبوبة على كتفه عشرة أدوار ليحصل في النهاية على قليل من الجنيهات.
''الأنبوبة الدليفري''.. خدمة جديدة أعلنت عنها حكومة الدكتور حازم الببلاوي مع مطلع شهر أكتوبر، حتى تصل ''أنبوبة'' الغاز الطبيعى إلى المستهلك المصري مباشرةً بعد اتصال تليفوني؛ ريثما يقلل من الزحام والتكدس على مستودعات الأنابيب في مصر، ويقلل من احتمال الخسائر.
''خالد''، صاحب مستودع أنابيب في منطقة ناهيا ببولاق الدكرور، يقول إنه لا يعلم أي شئ عن مشروع الحكومة الجديد ''بيع الأنابيب في منطقة ناهيا قليل شوية، والحال هادي؛ لإن أغلب السكان عندهم غاز طبيعي، لكن لحد دلوقتي لم تصل أي معلومات عن الأنبوبة''.
أما ''زينب'' التي تتجاوز الخمسين من عمرها، تأتي إلى مستودع أنابيب ناهيا بصحبة أحد أبنائها، يدفع أمامه الأنبوبة الفارغة ''بصراحة ما سمعتش عن الأنبوبة في التليفون، بس يا ترى هتبقى بكام؟، أنا بغير الأنبوبة من هنا بعشرة جنيه حوالى مرتين في الشهر''.
''ابتسام'' جاءت هى الأخرى لنفس المستودع، ولم تسمع شيئًا عن خدمة ''الدليفري'' للأنابيب ''أنا أول مرة أسمع عن الموضوع ده، بس أكيد لو اتنفذت هنا هتبقى غالية، وسعر الأنبوبة مش ناقص''.
مستودع أنابيب آخر بمنطقة فيصل بالجيزة؛ حيث كانت ''أم شروق'' التي تمتلك ''فرن'' للخبز تحمل الأنبوبة الفارغة على كتفها لتستبدلها بالممتلئة ''لو في توصيل زي ما الحكومة بتقول يبقى أحسن بدل ما نشيل، حتى لو هياخدوا خمسة جنيه زيادة مش مشكلة''.
سعر النقل الموحد ''ظلم''
''صبحي'' وقف متكئًا على ''عجلة'' يعتبرها مصدر رزقه؛ فعليها يحمل ''أنبوبة'' أو اثنتين يوزعهما على الراغبين في أماكن مختلفة، أهل المناطق المجاورة لمستودع ''علي وأبناءه'' معروف جيدًا وخاصة المناطق التي لم يدخل لها غاز حتى الآن كمنطقة ''كفر غطاطي'' بالجيزة.
''فلوس التوصيل مفروض محدش يحددها''.. قالها ''صبحي'' الذي يعمل بتلك المهنة منذ عشرين عامًا؛ ويرى أن التعب الذي يكابده هو وزملائه في توصيل ''الأنبوبة'' يجب أن يُقدر تبعًا للزبون وليس بسعر محدد ''الأدوار مش زي بعضها، يعني لما أطلع أنبوبة للدور التاني والزبون يديني 3 جنيه هاخدهم وأمشي، لكن لما أطلع بالأنبوبة على كتفي الدور العاشر والزبون يديني خمسة جنيه يبقى حرام.. أعيش إزاي؟!''.
يرى ''صبحي'' أن الأماكن أيضًا لها عامل في اختلاف سعر ''الأنبوبة'' وسعر توصيلها ''منطقة فيها غاز طبيعي الأنبوبة سعرها مبيزدش عن 15 جنيه بالتوصيل''، هذا باختلاف ما إذا كان المكان ليس به غاز طبيعي؛ فالسعر يرتفع أو ينخفض تبعًا لمستوى المنطقة الاجتماعي، ولعدد الأنابيب المتوفرة بالمنطقة، على حسب قول ''صبحي''.
شكوى السكان من ارتفاع سعرتوصيل ''الأنبوبة'' هو ما يخافه ''صبحي''، ولذلك يتنازل أحيانًا على مضض عن جزء من سعر التوصيل إذا لم يعطه له الزبون في سبيل رضاه عن المستودع الذي يعمل به ''لو طلعت أنبوبة في دور عالي وصاحبها إداني 12 جنيه باخدهم وأمشي، بس بعد كدة بيبقى عارفني وبروحله تاني، المهم ميحصلش مشكلة بيني وبين الزبون''.
''محمود''، كبير العاملين بالمستودع، يقول ''أنا شغال على السريحة اللي بيودوا الأنابيب، الناس اللي بتبقى عايزة أنابيب معاهم رقم تليفوني وبيتصلوا بيا لما يعوذوا أنبوبة ببعتلهم حد''، بالإضافة إلى أن بعض العاملين بالمستودع يقومون بعمل دوريات للبيع في المناطق المحيطة، كـ''محمود'' الذي لديه عربة ''نصف نقل''؛ يذهب بها يوميًا إلى منطقة ''كفر غطاطي''؛ فيبيع الأنبوبة هناك بـ12 جنية ولا يزيد عن ذلك السعر، ورغم ذلك ''الناس في غطاطي بيفاصلوا معايا في سعر الأنبوبة، عايزينها ببلاش خالص''، على حد تعبيره.
في انتظار ''إشارة'' الحكومة
''محمد علي''، صاحب المستودع، ويعمل مع والده أكد أن ''محدش قال لنا حاجة رسمي لسه عن الأنابيب''، مؤكدًا أن الأنابيب متوفرة بالفعل لديه في المخزن؛ لأن الإقبال الصيفي لا يكون كثيرًا عكس بدايات الشتاء الذي يكون الإقبال خلال أيامه أعلى.
أسعار الأنابيب في مستودع ''محمد'' هي 8 جنيهات لـ''الأنبوبة'' الواحدة بجانب سعر التوصيل، الذي عادة لا يزيد عن 8 جنيهات أخرى ''لو جاتلنا إخبارية عن موضوع توصيل الأنابيب هنحط أرقام تليفونات الناس اللي شغالين معانا بيوصلوا عشان لو الناس حبت تكلمهم''.
''علي''، صاحب المستودع، قال إن أسعار الأنابيب التي يشتريها من المصنع ترتفع كل فترة؛ فكانت قبل ثورة يناير تُباع بـ2.25 جنيه، ثم ارتفعت في عهد ''مرسي'' لتصل إلى 4.5 جنيهات، ثم ارتفعت مرة أخرى في عهد الحكومة الحالية لتصل لـ6.25 جنيهات ''الأنبوبة بتبقى بـ15 جنيه، ده السعر الثابت في الغالب وبقالها على كده سنة، لو الزبون أعطى السريح أكتر من 15 دي حاجة بتاعة الزبون''.
''في تأمينات وضرايب وفي سولار بننقل بيه، وفي مرتبات للعمال''.. قالها ''علي'' الذي يعتقد أن القرارات التي تصدر يجب أن تُراعي كل الأشياء التي يدفعها صاحب المستودع بجانب سعر تحميل الأسطوانات على عربات النقل، وبجانب الأنابيب المُهدرة أو التي يكون بها عطل وفي تلك الحالة ''ساعات بيجيلي في نقلة فيها 400 أنبوبة أربعة أو خمسة أو أكتر بايظين، مقدرش أطلعهم للزبون عشان فيها خطر حتى لو الزبون محتاجها، وده بيبقى خسارة عليا''.
الرقابة التي تتمثل في ''مفتش التموين'' الذي يأتي للمستودع من حين لآخر ليست هي الوحيدة من وجهة نظر ''علي''؛ فهو يرى ''الرقابة مننا إحنا أصحاب المستودعات، الناس خلاص عارفة إن سعر الأنبوبة في المنطقة دي كذا وتوصيلها بكذا، موضحًا أن ارتفاع سعر الأنبوبة يتبع زيادة سعر الحصول عليها من المصنع ''يعني إحنا كنا بنوصلها لغطاطي في الأول بـ7 جنيه لحد البيت وبعدين بقينا بنبيعها بـ8 وبعدين بـ9.5، وبعدين بـ10، ودلوقتي بقت بـ12 جنيه''؛ والنتيجة إن فائض المكسب في كل الأحوال بالنسبة لـ''علي'' ليس كثيرًا، على حد زعمه.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا