كتبت - نوريهان سيف الدين:
عيناه القوية كعينا الصقر، كانت ملهمة لشعوب الشرق الأوسط؛ يصمت الجميع عندما يصدر صوته من المذياع ويقول ''أيها المواطنون'' ليلقي خطابه على الشعب، ليعلن قوانين الإصلاح الزراعي وتأميم القناة؛ وقف كالجبل فوق منبر ''الجامع الأزهر'' ليعلنها ''هنحارب'' ويخرج محمولاً على أعناق الجماهير، وظلت صورته لسنوات حتى بعد وفاته معلقة في كل بيت مصري وعربي.
اليوم الذكرى الـ''43'' لوفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، المولود في 15 يناير 1918 بـ''باكوس'' بالإسكندرية لأسرة من ''بني مزار'' بالصعيد، في المرحلة الثانوية، تشكل وجدان ''ناصر'' الوطني مبكرًا ليشارك بمظاهرات الطلبة بعد إلغاء دستور 23، ويتم إلقاء القبض عليه، كما نما حسه الأدبي والتاريخي بشغفه لقراءة كتب الثورة الفرنسية والأدب العربي والعالمي.
حصل ''ناصر'' على ''البكالوريا'' بالقسم الأدبي، وتقدم للالتحاق بالكلية الحربية، ويُرفض لكون جده ''فلاح'' ووالده موظف بالبريد'، ومشاركته بالمظاهرات من قبل، ليتقدم بعدها لكلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1936، ويقضي بها ستة أشهر عاود فيها التقدم ''للحربية'' ليلتحق بها في مارس 1937، ويلتحق بعد تخرجه بسلاح المشاة بـ''منقباد'' بالصعيد، ليلتقي ''بالسادات وزكريا محيي الدين''، ثم ينتقل للسودان ليقابل ''عبد الحكيم عامر''.
تزوج ''جمال'' من السيدة ''تحية كاظم'' في يونيو 1944، ورزق منها بخالد وعبد الحميد وعبد الحكيم وهدى ومنى، ويشارك بعدها في ''حرب فلسطين''، ويرى وزملاؤه مدى ضعف الجيش وفضيحة ''الأسلحة الفاسدة''، وبعد عودتهم تتبلور ''حركة الضباط الأحرار'' بقيادته.
تمضي شهور وتقع ''مذبحة رجال الشرطة''، ويشب ''حريق القاهرة يناير 1952'' وتحتقن أوضاع البلاد، ليقرر الضباط الأحرار القيام ''بثورة يوليو''، ويأتي ''اللواء نجيب'' قائدا للثورة، إلا أن السلطة الفعلية ظلت في يد ''مجلس قيادة الثورة''، ويتم إعلان الجمهورية في 18 يونيو 1953، ويتولى ''جمال'' نيابة رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية، وفي 1954 يصبح ''ناصر'' رئيس الجمهورية بعد خلع ''نجيب''.
بعد توقيع ''معاهدة الجلاء 1954''، حرص ''جمال'' على تطبيق مبادئ الاشتراكية؛ فأصدر قوانين الإصلاح الزراعي، وسعى للتوسع في بناء المصانع، ويأتي قرار ''تأميم قناة السويس'' فى احتفالات الثورة 1956 بعد معاناة مع ''البنك الدولي'' لتمويل مشروع ''السد العالي''، و يكون سببا في ''العدوان الثلاثي''.
عمل ''عبدالناصر'' على تشجيع حركات التحرر العربي والأفريقي، وكان من مؤسسي ''منظمة دول عدم الانحياز''، وسعى لتحقيق ''وحدة عربية'' لتخرج ''الجمهورية العربية المتحدة'' بين مصر وسوريا 1958، وكان ''ناصر'' أول من يلقي خطبة بالعربية في ''الأمم المتحدة''.
وتحل ''نكسة يونيو'' ويتنحى ''عبد الناصر''، ويخرج ملايين الجماهير تطالبه بالرجوع ويعلنها ''هنحارب''، وتبدأ حرب ''الاستنزاف'' بشعار ''ما أوخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة''، ويبدأ معركة بناء الجيش من جديد.
يتوفى ''عبد الناصر'' بعد نهاية ''قمة عربية بالقاهرة'' ليتوقف قلبه في 28 سبتمبر 1970، ويتسلم نائبه ''السادات'' مهام منصبه، ويشيع جثمانه في أكبر جنازة تاريخية ليوارى في مدفنه بعد 18 عامًا قضاها في خدمة مصر.