كتبت - يسرا سلامة:
من كل نظام سياسي وآخر يجد لنفسه موقعًا بداخله؛ فعلى الرغم من الضربات المتتالية له مرة أنه ''فلول'' ومن أبناء ''النظام القديم'' و مرة أنه ''مهادن'' يقبل التفاوض مع جماعة الإخوان المسلمين، يحافظ الرجل على ذلك المقعد فب النظام مهما اختلف موقعه، الأمر الذى يرجعه الكثير إلى ذكائه السياسي الحاد ودبلوماسيته المعهودة.
مناصب عديدة انتقل من بينها الرجل السبعيني من كل نظام سياسي وآخر؛ ففي التسعينات كان الرجل متربع على عرش قمة وزارة الخارجية المصرية لمدة عشر سنوات، كان فيها ''عرابًا'' للسياسة المصرية تحت رئاسة الرئيس الأسبق ''مبارك''، وسط أقاويل عن نية مبيتة للنظام آنذاك باستبعاده، خوفًا من زعامة صاعدة.
كما ارتفعت شعبية ''عمرو موسى'' إلى أوجها حين تولى رئاسة الجامعة العربية، وعندما غنى له المغنى الشعبي ''شعبان عبد الرحيم'' أغنية ''بكره إسرائيل وبحب عمرو موسى''، ليرتبط اسمه في أذهان الكثير من المصريين من غير المنشغلين بهموم القضية الفلسطينية، كواحد من المصارعين في المسار السياسي لحل الأزمة الفلسطينية على موائد الحوار لا ساحات الحرب.
''عمرو موسى'' طالما اتهمته إسرائيل بأنه عقبة السلام، وقالت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت ''إنه إذا أردتم السيطرة على الشرق الأوسط فعليكم بعزل موسى عن منصب وزير الخارجية''، وذلك نتيجة لجهوده السياسية والدبلوماسية فب ملف القضية الفلسطينية، وهو على رئاسة الجامعة العربية لمدة عشر سنوات.
''اعترف بفشل عمليات السلام''.. هكذا صرح ''عمرو موسى'' لقناة ''بي بي سي'' بعد مسيرة حافلة على قمة رئاسة الجامعة العربية، وبعد سنوات عديدة بين أروقة السياسة للدفاع فيها عن القضية العربية بشكل عام، والقضية الفلسطينية بشكل خاص، ليفكر بعدها في التوارى عن السياسة، لكن ثورة يناير جعلته يفكر مرة أخرى في أحلام الترشح إلى منصب الرئاسة.
فقام ''عمرو موسى'' بزيارة إلى ميدان التحرير في أوائل ثورة 25 يناير، ليكون رده وقتها على تساؤلات الترشح للرئاسة أنه ''لكل حادثة حديث''، ليقرر بعدها الترشح وسط رفضه الانسحاب لأي من المرشحين، على الرغم من أنه كان من الداعين إلى كتابة الدستور قبل الانتخابات، لكنه دخل المعركة أملاً في ''مصلحة مصر'' كما يرى، ليخرج من الجولة الأولى للانتخابات باثنين ونصف مليون صوت.
''الدبلوماسية هي الحل''.. شعار يؤمن به ''موسى''، والذي جعله ينتقل من أدراج النظام إلى رقعة المعارضة المصرية وقت حكم الرئيس المعزول ''محمد مرسي''، ليكون قيادي بارز بجبهة الإنقاذ، سرعان ما عاد مرة أخرى أدراج النظام بعد ''30 يونيو''، ليكون رئيسًا لـ''لجنة الخمسين'' لتعديل الدستور الذي كان واحدًا من مائة شخصية تكتبه، لكنه آثر الانسحاب بسبب مضمون وصياغة بعض المواد.
''هذا الدستور يؤسس إلى مشروع استبدادي لا يحترم الحقوق والحريات''.. ذلك كان سبب رحيل ''موسى'' عن التأسيسية التي كتبت الدستور، مضيفًا وقتها أن هناك مخاطر حقيقية على حقوق وحريات المواطن منها المادة 76، التي سمحت بأن تكون هناك جريمة وعقوبة بنص دستوري وليس بتشريع بالمخالفة لكافة دساتير العالم.
30 صوتًا حصل عليهم ''موسى'' لرئاسة ''لجنة الخمسين''، مقابل 16 صوتًا لمنافسه سامح عاشور، نقيب المحامين، بفارق 14 صوتًا، وبعد إبطال صوتين، ولم يصوت عضوان لتغيبهما وهما بسام الزرقا ممثل حزب النور، محمد حمدين الذى اعتذر لارتباطه بمؤتمر بالخارج.
''''أجلس الآن شاعرًا بثقل المسئولية، وعالما بخطورة الوضع في البلاد، ويحدونا الأمل جميعًا بوجود هذه الكفاءات والقامات، والخطوة الأولى نحو ذلك، هو إصدار دستور رصين نتوافق ويأخذ في اعتباره احتياجات الشعب ومستقبل مصر''.. تلك كانت كلمات ''موسى'' بعد أن ترأس لجنة الدستور، وسط انتقادات من معارضيه ومن جماعة الإخوان من ناحية بأنه رضى بما وصفوه بـ''الانقلاب'' و''غنيمة'' رئاسة اللجنة بحثًا عن المنصب، على حد زعمهم، بعد أن تعرض للانتقادات من شباب الثورة إثر جلوسه مع قيادات الإخوان المسلمين قبل 30 ينيو.