كتبت - نوريهان سيف الدين ودعاء الفولي:
لعلك سمعت عن كسر "الحظر" بماتشات الكورة في الشارع، لكنها ربما تكون المرة الأولى التي ستقرأ فيها عن "ماتشات بلاي ستيشن" سببها قرارات "حظر التجول".
القصة يرويها الشباب العاملون في بازارات منطقة "خان الخليلي"؛ الشارع الذي هدأت به حركة المرور بشكل كبير منذ أكثر من عام، ومع هدوء الحركة كسدت عمليات البيع والشراء، وأصبح وجود العمال في المحلات "تحصيل حاصل"، ليقرروا أن يكسروا "حظر الكساد" عن طريق "مباريات البلاي ستيشن" بأحد المحلات هناك.
"محمد سمير"، عامل بأحد محلات الرخام والمشغولات الحجرية، إن اقتربت لتتفقد مقتنيات دكانه الصغير يفاجئك بقوله: "عارفين إحنا بنيجي هنا ليه ؟ تعالى معايا وأنا أوريك"، ويصحبك في خطوات قليلة إلى "الدكانة" المقابلة له، لتجد "أحمد" و"بسام" و"محمد" و"أيمن" قد اقتسموا أذرع لعبة "البلاي ستيشن" في محاولة لتمضية يوم جديد يمر دون زبائن.
"هنا في الوقت ده في السنة كنا بنبقى زحمة جدًا، كانت المحلات اللي هنا بتبقى فاتحة كلها، دلوقتي ممكن محلنا ومحل تاني بس وبقية المحلات كلها قافلة".. قالها "سمير" واصفًا حال المنطقة "الخاوية على عروشها" لا تطئها أقدام السائحين، إلا أقل القليل.
"كوتشينة" و"طاولة" بجانب ألعاب الفيديو هي ما يسلي "سمير" وأصدقائه من العاملين في المحلات الأخرى "إحنا تقريبًا معندناش شغل، محلاتنا فاضية ونسبة البضاعة فيها قلت بنسبة حوالي 30 %، المفروض إني ما بيبقاش عندي أرفف فاضية خالص، دلوقتي في أرفف كتير مفيهاش بضاعة".
عمل "سمير" كموظف نهارًا بوزارة الثقافة جعل مأساته أقل قليلاً؛ فهو يملك قوت يومه بخلاف أصحاب المحال الذين لا يعلمون لهم عمل غير التجارة في التحف وبخلاف "الصنايعية"، الذين اتجه معظمهم في الفترة الأخيرة لمهن أخرى بسبب سوء الحال.
الضرائب التي يدفعها أصحاب المحلات في المناطق السياحية تشكل عبئًا عليهم أكبر"الناس هنا أصلاً ممشية حالها بالعافية، مطلوب منها كمان تدفع ضرائب ومرتبات موظفين وعمالة، طب منين كل الكلام ده؟"، على حد قول "سمير"، موضحًا أنهم "مفكرناش نطلع في اعتصام ضد الضرائب أو حاجة لأننا شايفين إن أكتر حاجة معطلانات هي الاعتصامات بشكل عام فمش هنعمل زيهم".
"السائح مش عايز ييجي هنا عشان يتقتل بدل ما يتفسح".. لخّص "سمير" بهذه الجملة الوضع في البلد طبقًا لوجهة نظره؛ فهو يرى أن انعدام الأمن والأمان والنزاعات الموجودة من الطبيعي أن تمنع السياحة بنسبة كبيرة.
"حظر التجوال" لم يؤثر على حركة البيع والشراء في المنطقة لأن الحالة متوقفة تلقائيًا بها "أثر علينا إحنا كأصحاب محلات، الواحد كان زمان يقعد في المحل لـ11 و12 بليل، أهو ينضف المحل، يلمع البضاعة يستنى يمكن ربنا يبعت زبون او اتنين، طبعًا بعد الحظر ده مبقاش موجود، بقينا نقفل الساعة 5 مثلاً".. هكذا روى "سمير" معاناته طوال ساعات "الحظر".
"بسام سمير"، شاب عشريني مقيم بالقرب من حي الحسين، وصف حال الشارع وحركة البيع "اليوم هو هو، بنيجي نشوف بعض، ممكن في اليوم الواحد نبيع بيعة واحدة وممكن منبيعش خالص على حسب".
أما زميله "محمد الغرباوي"، عامل بمحل لبيع الأحجار الكريمة والاكسسوارات "قبل الثورة كان كل الناس والجنسيات تيجي تشتري مننا، كنت تلاقي الأسباني والعربي والفرنساوي والأمريكاني، بعد الثورة بقى الصينيين هما اللي بيشتروا أكتر ناس، بعدها مبقاش في حد بيشتري، وقليل أما تلاقي حد جاي ياخد هدية مثلا وبتكون من المصريين".
رفع سعر المعروضات قليلاً كانت هي الوسلة الوحيدة للتعامل مع الحظر تبعًا لكلام "أحمد محمد" الصديق الثالث لهم؛ بالإضافة إلى "من كتر ما مفيش صنايعية والكهرباء زايدة ومفيش خامات زي الأول، والحاجات دي بتجيلنا من المحاجر في الأقصر".
قرار "حظر التجوال" لم يكن غريبًا على هؤلاء الشباب ولا على غيرهم من "تجار الصاغة القديمة و"خان الخليلي"؛ فعلى حد وصف "أيمن أمير"، عامل بأحد هذه البازارات "بعد الثورة حصل انفلات أمني والبلطجية طلعوا على محلات الدهب وكسروها وخدوا منها حاجات، وقسم الجمالية معرفش يقف لهم ولا يمنعهم، لكن دلوقتي الموضوع أفضل والبازرات بتاعتنا مفيش خطر عليها؛ لأن اللي جاي يسرق مش هيسرق هنا حجارة ورخام".