كتبت - إشراق أحمد:
تصوير - مصطفى الشيمي وكريم أحمد:
أطفال استيقظت باكرًا وربما لم تنم، مرتدية الجديد من الملابس، مسرعًة لأداء الصلاة مع الآباء في انتظار قسط اللعب والحلوى فور انقضائها، كبار من مختلف الأعمار قرروا ترك ما تبثه الأحداث فيهم من حزن ليتبادلون التهنئة والاحتفال كعادة كل عام، منهم من توجه إلى الميادين ومَن اقتصر على مكان قريب، ألوان وبهجة، كلٌ بطريقته، فهناك من وجدها بميدان، وآخرين في حضرة مَن واراهم التراب، وتصنيف ثالث وجدها في سلب تلك البهجة من الآخرين.
أجواء جاءت في أول أيام عيد الفطر هذا العام، منها ما هو معتاد، والبعض مختلف خاصة وأن السياسة مازالت سيدة الموقف، وكأن الحال أشبه بكلمات شاعر العامية صلاح جاهين في رباعياته المعروفة ''عيد والعيال اتنططوا على القبور.. لعبوا استغماية ولعبوا بابور.. وبالونات ونايلونات شفتشي والحزن حيروح فين جنب السرور..عجبي''.
ميادين العيد
ولأن المعترك السياسي فرض نفسه على الشارع المصري توجهت الأنظار إلى أماكن التجمع حيث ميدان التحرير والاتحادية ورابعة العدوية، ففي الأول كانت صلاة العيد التي تواجد بها عدد من المجندين بالجيش إلى جانب المنصة المقامة والتي أخذت في تشغيل الأغاني والهتاف ب'' الجيش والشعب إيد واحدة''.
وبلافتة كبيرة ضمت كلمات '' أوعوا تنسوا أنا موتْ لية..يا أمي متخفيش في الجنة أنا هعيش'' جاب عدد من الشباب شارع '' محمد محمود'' في مسيرة حملت اسم وصور '' صلاح جابر'' الشهير ب'' جيكا'' الذي سقط قتيًلا في ذكرى أحداث محمود محمود نوفمبر 2012، بينما اقتصر الأمر في '' الاتحادية'' على الصلاة ومشهد الأطفال والأعلام المصرية والبالونات وأجواء الاحتفال بالعيد.
وفي ''رابعة العدوية'' كانت أجواء الاحتفال بالعيد في أوجها، رغم ما يشهده محيط المنطقة من الاعتصام والتواجد الأمني غير أن المعتصمين حرصوا على تواجد بهجة العيد بالميدان الذي توافد إليه الكثير إلى جانب المعتصمين.
فكانت الصلاة وسط اللافتات التي حملت عبارات التنديد بما رأوه '' انقلاب'' على السلطة وصور '' محمد مرسي'' و'' نعم للشرعية'' وغيرها، وداخل علب كرتونية طُبع عليها كلمات ''معتصمي رابعة ..كل عام وأنتم بخير'' إلى جانب صورة '' محمد مرسي'' قام النساء المعتصمات بوضع كحك العيد الذي صنعوه بالميدان.
ولم تكن مأكولات العيد والبالونات والملابس الجديدة فقط التي شهدها ميدان'' رابعة'' من مظاهر الاحتفال، ففي أحد جوانب الاعتصام أو ما أطلق عليه '' رابعة لاند'' جاءت لافتة كُتب عليها '' أطفال ضد الانقلاب نرفض نحن أطفال مصر الانقلاب على الشرعية''، حيث تم وضع ألعاب خاصة بالأطفال، لم تخل من صور ''محمد مرسي'' ضمت كلمات ''نعم للشرعية ..لا للانقلاب''، هذا إلى جانب تقليد اتخذه مرتادو '' رابعة العدوية'' من الطباعة على الأموال أو ما يسمى '' العيدية'' كلمة '' ضد الانقلاب''.
ومع ذلك استمرت التدوينات على موقع التواصل الاجتماعي تأخذ المنحى السياسي ما بين التأييد والمعارضة لا يخلو من السخرية، فكتب '' محمد الشاذلي'' على '' تويتر'' :'' عدنينا يا بيه لما يهددونا أنهم هيفضوا الاعتصام بنعمل مراجيح ونقعد نتمرجح''.
وكتب ''عمرو عبد الهادي'' : '' بعد انقلاب 30/6 قصدي ثورة فلول 30/ 6 تقدروا تقولوا عيد مبارك إنما بالنسبة لنا عيد سعيد زي ما اتفقنا في 25 يناير''، وكذلك '' محمد كريم'': '' تاني عيد يجي عليا وأنا في اعتصام، اعتصام التحرير 2011 ضد العسكر اعتصام رابعة 2013 ضد الانقلاب''.
أما '' شاهندة هشام'' كتبت : '' عامةً يوم 30 يونيو كان عيد أكبر وأحلى من العيد ده''ن و'' جيهان'' علقت '' تسلم الأيادي على منصة التحرير عيد سعيد بدون إخوان''.
العيد في ''النيل''
وعلى بعد أمتار قليلة من ميدان التحرير وجد بعض الشباب ضالة الاحتفال بالعيد، في القفز بالنيل والسباحة إلى الضفة الأخرى في تقليد مختلف للاحتفال.
العيد وزيارة القبور
والبعض لم ينتظر انتهاء اليوم الأول حتى يتوجه إلى المقابر لزيارة من فقدوا وجوده هذا العيد، رغم كلمات النهي لأئمة المساجد في صلاة العيد كل عام، معتبرين ذلك واجب واكتمال للاحتفال بوجودهم قرب من واراهم التراب، ولم يكن الكبار هم المتواجدين فقط بل الأطفال أيضًا، كما أن الاتشاح بالسواد لم يكن ضرورة للذهاب، فالحزن يختلط مع ألوان البهجة المنتشرة في الطريق إلى المقابر في ذلك اليوم، لكن يبقى قراءة الفاتحة ووضع الورود وتوزيع الخبز و''القرص'' المعروفة، هي هدف ونصيب زائري القبور في أول أيام العيد.
ومنهم '' أبو طالب'' الذي كتب على '' تويتر'': '' وعلى صعيد آخر مش ناوي أخرج العيد دا وكفاية علي زيارة المقابر الصبح أول عيد فطر أعملها في حياتي أني أروح أول يوم''، وكذلك ''سلمى'' : و جدير بالذكر إن والدتي من ساعة ما والدتها أتوفت في التمانينيات بتروحلها المدافن كل عيد، عشان تعيد عليها كل سنة وأنتي طيبة يا نينة.
العيد في '' البيت'' و'' التحرش'' مستمر
وبطبيعة الحال كان هناك من يمضي إجازة العيد في المنزل إما تجنبًا للزحام أو للتحرش بالنسبة للفتيات، وعلق البعض ساخرًا ك ''عبده خاطر'' : '' أول يوم عيد في البيت وتاني يوم عيد هيبقى في البيت أنا أحب البيت''، وكذلك '' نورهان أمين'': ''وكالعادة عيد سعيد في البيت''.
وعلى الرغم من المؤشرات التي بدت أول أيام العيد والتي جعلت البعض يظن اختفاء '' التحرش'' أو انخفاضه على أقل تقدير جاءت تقارير عدد من المبادرات والحملات مؤكدة باستمرار حالات التحرش حيث رصدت حملة '' التحرش بالمتحرشين'' 24 حالة تحرش منها 8 حالات تحرش جماعي و17 معاكسة وجاء تقرير غرفة مبادرة '' شفت تحرش '' وهي '' مجموعة ضغط للقضاء على جريمة التحرش الجنسي للنساء'' كما جاء في صفحتها على '' فيسبوك'' أن أول أيام العيد رصدت ما يقرب من خمس حالات تحرش لفظي وجسدي في محيط وسط البلد.
كما استمرت التعليقات من مستخدمي ''تويتر'' عن ذلك فكتب ''عمر جمال'' من المنصورة: ''عيال في ربع طولي بتشرب سجاير، وأشكال غريبة في الشارع مقعدة كل البنات في البيت، وفي الآخر يقولك عيد سعيد''.
أما '' شريف أبو شادي'' من بورسعيد علق '' النهاردة أول عيد أخرج فيه من البيت وبصراحة مشفتش ولا حالة تحرش في شوارع بورسعيد أنا مستغرب الصراحة''.
وكتب ''أحمد علاء'' كتب ساخرًا '' عيد تحرش سعيد وبعودة الأيام يا تحرش''، بينما تساءل ''محمد جمال'': '' عيد بلا تحرش ممكن؟ ''.