الزعيم الراحل جمال عبد الناصركتبت - نوريهان سيف الدين:
من ''عصر الباشا والطربوش'' إلى عصر ''الأفندي''، ومن زمن ''الاحتلال'' إلى زمن ''الجلاء والحرية''، ومن فترة ''سيادة الأجانب'' إلى فترة ''ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستعباد''.. مشاهد كثيرة مرت على ذاكرة الشعب المصري خلال خمسينات القرن الماضي، قبل وبعد ثورة 23 يوليو 1952.
''أهداف الثورة الستة''.. تلك الأهداف التي دأبت كتب التاريخ والدراسات الاجتماعية خلال سنين الدراسة على ذكرها في المناهج، لتثبيت ''إنجازات الثورة''، و كفاح شعب متعدد الأطياف من ''عامل وفلاح وطالب'' و''رجل وامرأة'' جنبًا إلى جنب لبناء ''نهضة مصر'' أواسط القرن الماضي، وعدة أحلام قومية عاشتها مصر وشعبها، تحقق بعضها، وتأخر بعضها، وتحطم بعضها على صخرة ''هزيمة 67'' قبل أن تقوم مصر من جديد لتستكمل مسيرتها.
''القضاء على الإقطاع والاستعمار، وسيطرة رأس المال على الحكم''، و''إقامة حياة ديمقراطية، وجيش وطني قوي، وعدالة اجتماعية''.. هي أهم ما أعلنته ''ثورة 23 يوليو منذ ميلادها، وخلال فترة خمسينات وستينات القرن الماضي، وفي طريقها حققت عدة خطوات من هذه الأهداف.
1952 وعقب قيام ''الضباط الأحرار'' بانقلابهم السلمي على الحكم، قام ''مجلس القيادة'' بعدة خطوات إصلاحية بدأها بـ''إلغاء الرتب الملكية'' في الثاني من أغسطس، وبعد يومين صدرت أوامر ''تطهير الإدارات الحكومية''، وفي التاسع من يوليو صدرت ''قوانين الإصلاح الزراعي''، ثم ''العفو الشامل عن الجرائم السياسية'' في 16 أكتوبر، ويصدر إعلان إلغاء دستور 1923 في 9 ديسمبر 1952، وإلغاء الأحزاب السياسية في 18 يناير 1953، لتلغى ملكية الدولة ويعلن قيام الجمهورية في 18 يونيو 1953.
''القضاء على الاستعمار'' جاء من خلال توقيع ''عبد الناصر'' لاتفاقية الجلاء مع بريطانيا، ويتحقق هذا في 18 يونيو 1956 بخروج آخر جندي بريطاني من قاعدة بورفؤاد، ويرفع ''عبدالناصر'' العلم المصري عليها، ليعلن بعد 30 يومًا ''تأميم قناة السويس'' كخطوة نحو ''بناء السد العالي'' وتحقيق نهضة اقتصادية و صناعية وزراعية لمصر.
''القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم''.. جاء من خلال عدة مستويات نحو تطبيق ''اشتراكية الدولة''، أهمها ''التأميم''؛ فشمل ''البنوك والمواصلات و الصحف''، بجانب ''المؤسسات الاقتصادية والمصانع الكبرى'' التي يملكها الأفراد، كذلك ''القضاء على الإقطاع'' باستصدار قوانين الإصلاح الزراعي، التي أخذت ملكية الأراضي الزراعية من أيد طبقة غنية من الملاك، ووزعتها على ''الفلاحين'' بحصة متساوية، وهي الخطوة التي اختلف عليها نقاد تلك الفترة، بين تحقيقها للمساواة وتفتيتها للملكية الزراعية.
''القومية العربية''.. جاءت من خلال سعي مصر لدعم حركات التحرر لدى الجارات العربية مثل الجزائر واليمن والعراق، كذلك الاندماج في وحدة مع ''سوريا'' في 1958 تحت اسم ''الجمهورية العربية المتحدة''، وحركات الاندماج مع الأقطار العربية الأخرى كالعراق وليبيا، والتي استمرت لبضعة أشهر ما لبثت أن سقطت.
''إقامة حياة ديمقراطية سليمة''.. ربما هي نقطة الجدل الأقوى في مسار ''ثورة يوليو''؛ فبين وعود الثورة الأولى بحل ''مجلس قيادة الثورة'' في اليوم التالي لقيام ثورة يوليو - 24 يوليو 1952''، إلا أن المجلس لم ينحل إلا بانقضاء الفترة الانتقالية، وصدور دستور يونيو 56 وانتخاب ''عبد الناصر'' رئيسًا للجمهورية في نفس العام.
الخلاف الذي نشب بين ''البكباشي عبد الناصر'' و''اللواء نجيب'' قائد الثورة وأكثر أعضائها احترامًا وشعبية لدى الضباط والجمهور منذ الحقبة الملكية، و عزل ''نجيب - أول رئيس جمهورية''، وتحديد إقامته في منزله لرغبته في ''عودة الجيش لثكناته'' ورغبته في الإسراع بوضع الدستور، وتسليم البلاد لـ''سلطة مدنية منتخبة''، وانتهى الأمر باتهام ''نجيب'' بالتواطؤ مع ''الإخوان'' لتصفية ''عبد الناصر'' مما عُرف بـ''حادث المنشية''.
''ثورة يوليو''.. كان لها أثر كبير في النهضة الثقافية في مصر، وزعمت أنها أول من أعطى ''مجانية التعليم'' للجميع، رغم أن التعليم وقتها كان مجاني إلا أن ''قلة المدارس والجامعات'' وتركزها بالعاصمة، كان يحول دون تعلم جميع أطياف الشعب، وبعد قيام الثورة أصبح عدد الجامعات في مصر ''13 جامعة''، بعد أن كانت فقط ''جامعة القاهرة والإسكندرية وعين شمس)، بجانب ''الأمريكية'' و''الأزهر الشريف''.
''قصور الثقافة وانتشار الحركة الثقافية والأدبية''.. كان نقطة هامة في مسار ''ثورة يوليو''، وتحولت عدد كبير من قصور الشخصيات العامة في الحقبة الملكية إلى ''قصور ثقافة ومتاحف''، رغم استغلال بعض قصور ''الأمراء والنبلاء'' كاستراحات خاصة لضباط مجلس القيادة، وبيع ''تحف قيمة'' في مزادات رسمية تدعيمًا لخزانة الدولة.
''أهداف الثورة الستة''.. من ''إلغاء الطربوش'' إلى ''جلاء الاستعمار''
منوعات -