كتبت - نوريهان سيف الدين:
لم تقعده إصابته بـ''طلق حي'' في الساق، عن البقاء في نفس المكان الذي أصيب فيه، في ''الميدان'' بالقرب من ''المستشفى الميداني''، وبالرغم من ''بتر في الساق'' الأخرى يعاني منه منذ زمن، إلا أنه لا يزال على كرسيه المتحرك، محتفظا بـ''الرصاصة'' في جيبه.
''محمد أحمد''، القادم من ''عين شمس''، للاعتصام بميدان ''رابعة العدوية''، جلس على كرسيه المتحرك حاملاً صورة ''مرسي''، قال إنه جاء للميدان منذ يوم 28 يونيو في بداية التظاهرات المؤيدة للرئيس السابق مرسي، وفي يوم 30 يونيو بدأ اعتصامه مع زملائه وبقية المعتصمين، تذكر مواجهات ''الحرس الجمهوري'' الذي أصيب فيها، وأخذ يروي كيف كانت ساعات عصيبة ومؤلمة، وأنه لا يزال حاملاً ''ذكرى'' من هذا اليوم.
''ضربونا وإحنا ساجدين قدام الحرس الجمهوري''.. كانت أول كلماته عند سؤاله ''ماذا حدث ؟''، واصفًا هذه اللحظات فقال: ''صلينا القيام والفجر، في الركعة التانية كان الإمام بيدعي ''دعاء القنوت''، وفجأة سمعنا الشباب والرجالة على المداخل والمخارج بيخبطوا على الحواجز الحديد، وفهمنا إن معناه إن ضرب هيحصل''، على حد قوله.
وأكمل ''محمد'' حديثه عن هذه الليلة فقال: ''الإمام سرّع عشان يختم الصلاة وفي رجالة ختمت الصلاة وخرجت لما سمعنا صوت الضرب ودخلوا علينا، كان ضهرنا أصلا لبوابة ''الحرس'' وللعساكر ووشنا للقبلة ناحية ''رابعة''، والستات كانوا في ''مسجد المصطفى''، فجأة لقينا النار اتفتحت علينا وقنابل غاز بتترمي، والضرب كله كان جاي من ناحية صلاح سالم''، على حد قول ''محمد''.
يقسم ''محمد أحمد'' الرجل الثلاثيني أنه كان يرى قناصة من فوق أسطح الأبنية المجاورة يضربون النار على المتظاهرين والجنود، وأن مصلي بجانبه جاءته رصاصة من أحدهم ''طيرت صوابع إيده وهو بيصلي'' على حد وصفه، وطلقة أخرى أصابت السور الذي احتموا به ''وخلت الحجر يتكسر علينا''.
سيدة كبيرة كانت برفقته تقوم بتمريضه وإسعافه قالت إن النساء ظللن محاصرات في المسجد ممنوعات من الخروج من قبل جنود الجيش، وكثيرات منهن أصبن بالاختناق جراء استنشاق دخان قنابل الغاز المسيل للدموع، وأن بعضهن كن يصطحبن أطفالهن الصغار، وأصيب طفل رضيع عمره أقل من العام باختناق شديد وحالته كانت حرجة، على حد قولها.
''الجيش نبهنا إنه هيضربنا بس محدش خد باله''.. يتذكر ''محمد'' كيف ألقت عليهم مروحية تابعة للقوات المسلحة أوراق ''منشورات'' مرسوم عليها أفراد ''الصاعقة المصرية'' التابعين للجيش، ومكتوب عليها رسالة ''نحذركم ولن نسمح بإرهاب الشعب وفرض الرأي بالقوة''، على حد قوله.
''رصاصة لا تزال في جيبه''.. لا زال ''محمد'' يحتفظ بـ''الرصاصة'' التي أخرجها له الأطباء من ساقه بعد إصابته في أحداث ''الحرس الجمهوري''، وقال إنه لن يفرط فيها أبدًا، وسيضمها إلى ''بلية الخرطوش'' التي أصيب بها في ''ميدان التحرير'' يوم (28 يناير) ''جمعة الغضب''، وأنها شهادة غالية بنزوله و مشاركته في أحداث الثورة.