كتبت - نوريهان سيف الدين:
"مهما كبرنا وشوفنا فوانيس أشكال وألوان هيفضل الفانوس الصاج أبو شمعة هو الأصل".. كلمات جاءت على ألسنة عدد كبير من مشتري الفوانيس، ليس فقط الكبار، ولكن الأطفال أيضًا، التي تطلب شراء الفانوس التقليدي "الصاج ذو الزجاج الملون والمنقوش" وبداخله الشمعة.
هذا الفانوس رغم إغراء أشكال وأسعار الفانوس البلاستيك أو الصيني وفوانيس ألعاب الأطفال، إلا أنه لا يفقد بريقه بمرور الزمن، ويبقى دائما "تيمة" رمضانية تعيدنا لأجواء شهر رمضان ولياليه العامرة.
بداخل "حواري السيدة" العتيقة ستجد "ورشة أم إبراهيم"، أقدم ورشة فوانيس في مصر، والكائنة ببيت قديم من دور واحد بحي هناك، أصوات دق رقائق الصاج الصغيرة، وروائح طلاء الزجاج طيلة النهار، حتى يستطيعوا تسليم "طلبية الشغل" لأكبر المحلات وتجار الجملة في الموسكي ووسط البلد وأيضًا "طلبيات الفنادق والمراكب السياحية"، ويظلوا يعملوا حتى "ليلة الرؤية".
على مدخل الحارة يجلس "أيمن"، 25 سنة، يقطع شرائح الصاج الصغيرة اللازمة لعمل "تاج الفانوس" ويقول: "أعمل صانع للفوانيس منذ 15 سنة، وليس لدي صنعة غيرها، نبدأ من بعد العيد الصغير في شراء ألواح الصاج وقصها، استعدادًا لرمضان التالي، ومن بعد العيد الكبير بيبدأ الشغل الحقيقي، ومن بداية رجب بنبدأ نشطب الشغل استعدادًا لتسليمه".
أما "سيد"، عامل لحام، وحفيد الحاج سعيد و"أم إبراهيم" يقول : "من أكتر من 45 سنة وجدتي كانت بتعمل الفوانيس بإيدها وتبيعها لأولاد الحارة، لحد ما ربنا كرمها وأصبحت صنعة تكسب منها، وجدي كان بيتاجر لها في الفوانيس، وكان يصر أن يسمي الإنتاج "فانوس أم ابراهيم"، تقديرًا لزوجته وشريكة كفاحه، و بالفعل أصبح اسم "أم إبراهيم" ماركة مسجلة يعرفها تجار الفوانيس وأصحاب المحلات والفنادق الكبيرة "بيشتروا مننا فوانيس الفنادق والكافيهات في رمضان".
وعلى الجانب الآخر، "خليل إبراهيم"، عامل قص الزجاج، يقف على "الشبلونة" وهي آلة قص وتقطيع الزجاج، وأمامه ألواح الزجاج المنقوش عليها بالزخارف الإسلامية والخط العربي آيات قرآنية وعبارات "رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير".
يقول خليل: "الزجاج بيكون آخر مرحلة تملي سواء في الشراء أو التجميع مع جسم الفانوس، الأول كنا بنستخدم "اسطمبة" أو أشكال مفرغه للرسم على الزجاج، الآن بنستخدم الكمبيوتر في عمل التصميم والخط والألوان عشان يطلعلنا الفانوس تحفة، وديكور يستحق الاحتفاظ به بعد رمضان".
عمال الورشة جميعهم من أحفاد "أم ابراهيم" صاحبة الورشة، ويؤكدون أن الفانوس الصاج اليدوي هو الأصل رغم بريق الفوانيس الأخرى، ويقولون إن عدد من أهل السعودية والأردن والبلاد العربية الأخرى يأتون لشراء عدد كبير من الفوانيس، وتصديرها لبلادهم كتحف فنية رمضانية.