كتبت - نوريهان سيف الدين:
رحلت جميلة جميلات الأسرة العلوية، وأصغر إمبراطورة في العالم، الأميرة المصرية وإمبراطورة إيران السابقة ''فوزية فؤاد''، رحلت قبل يومًا واحدًا من ثورة تطيح بأول رئيس جمهورية منتخب وتعيد الثقة و الثبات للجيش، ورحلت قبل أيام من ذكرى انقلاب عسكري جماهيري أطاح بشقيقها ملك مصر ''فاروق''، وأنهى حقبة تقارب 150 عامًا من حكم أبناء ''محمد علي'' لمصر، وقبل أيام من ذكرى زوجها الأول ''محمد رضا بهلوي'' شاه إيران السابق.
''فوزية أحمد فؤاد''.. والدها هو سلطان مصر ''أحمد فؤاد الأول'' الذي أصبح لاحقًا ملكا عليها، وجدها هو ''الخديوي إسماعيل'' ابن ابراهيم باشا ابن محمد علي باشا الكبير حاكم مصر، ووالدتها هي ''الملكة نازلي'' ابنة عبد الرحيم باشا صبري ناظر الزراعة ومدير المنوفية، مولودة في الخامس من نوفمبر 1921 بقصر رأس التين بالإسكندرية، بعد عام واحد فقط من ميلاد ''الفاروق'' شقيقها الأكبر وملك مصر لاحقًا.
عاشت سنوات عمرها الأولى داخل جدران ''عابدين'' هي وأخواتها البنات لا يختلطن بأحد، وأشرفت على تربيتهم مربيات أنجليزيات، واستمر هذا حتى رحل أبيها ''الملك فؤاد'' في 28 أبريل 1936، وتولى شقيقها العرش تحت إشراف مجلس الوصاية، وفي 1939 يدق باب القصر الملكي وفد إمبراطوري يطلب يدها لنجل شاه إيران ''رضا بهلوي''، لتتوطد العلاقة بين ''عرش الطاووس'' الإيراني والتاج المصري.
زواج اسطوري كما وصفته الصحافة المصرية حينها بين الأميرة الشابة والشاه ''محمد'' ولي العهد الشاهنشاهي القادم، وبعد السفر إلى ''طهران'' تعقد من جديد مراسم احتفال استقبالا للإمبراطورة القادمة، ما تلبث بعدها أن تحمل في ''شاهيناز'' ابنتها البكرية، وبعد عامين يتنحى ''الشاه الأكبر'' ويتولى زوجها العرش، وتصبح ''فوزية'' أصغر امبراطورة في العالم، إلا أن المتاعب تزيد بينها وبين حماتها ''الامبراطورة تاج الملوك'' وشقيقات زوجها خاصة شقيقته التوأم ''أشرف الملوك''.
تفر الرقيقة ''فوزية'' إلى مصر بعد أن تخسر أكثر من 16 كيلو جرام من وزنها نتيجة المهدئات والحزن، ويحدث الطلاق في 1945، بعد تلويح ''الملك فاروق'' بقطيعة سياسية بينه و بين إيران، و تظل في مصر حتى يتقدم لخطبتها للعقيد ''إسماعيل بيك شيرين'' ويتزوجا في 1949، ويغمرها بحب دافئ يعوضها حرمانها من ابنتها ''شاهيناز بهلوي''، وتنجب منه ''نادية وحسين''.
23 يوليو 1952.. انقلاب عسكري على شقيقها الملك المستهتر، وتخرج الجماهير تؤيد الجيش في توليه أمور البلاد، ويتفرق شمل الأسرة العلوية، بين ''فاروق'' المنفي لإيطاليا على متن ''يخت المحروسة الملكي''، والذي سبق أن أقل جده ''الخديوي إسماعيل'' منفيًا خارج مصر، وأم ''مجردة من التاج ولقب الملكة الأم'' ومهاجرة برفقة ''فتحية الأميرة الصغيرة'' إلى الولايات المتحدة، و''فايزة وفايقة'' اللتان يدبران أمر الخروج من مصر خشية المطاردة والسجن.
لا يتبقى برفقتها إلا الزوج المحب ''إسماعيل شيرين''، والذي كان وزيرًا للحربية والبحرية وقت ثورة يوليو، وتعيش تتجرع وفاة أمها وأخواتها وأخيها في المنفى واحدًا يعد الآخر، إلى أن يرحل الزوج المحب في 1990، وتظل ''الأميرة فوزية'' منفية داخل بلادها في منزلها بالإسكندرية، حتى ترحل في الثاني من يوليو، وتدفن في مقابر زوجها بدلاً من دفنها بمقابر الأسرة العلوية في ''الرفاعي'' بجانب أخيها ''الملك فاروق'' وزوجها السابق ''شاه إيران''.