كتب- محمد مهدي:
''طه'' الشاب الطيب، ذو اللحية الخفيفة، والوجه البشوش، الذي أطلق عليه أبناء شارعنا، لقب ''الشيخ''، لتردده على المساجد، وحفظه للقرءان في سن مُبكر، الذي رافقته لسنوات طويلة، في زيارتنا لشيخ السُنة والسَلف، لتلقي دروس في علم الفقة والشريعة، بداخل مساجد متعددة بمنطقة الهرم، التقيت به اليوم مهموما.
أحمل لـ ''طه'' بداخلي ذكريات طيبة، أخذ بيدي في طفولتي وعاملني كرجل ناضج ، استوعب انتقاداتي لتشددهم في أشياء تقبل المرونة، ولم يغضب مني عندما هاجمت شيوخ يعتبرهم قدوته، ومعه أيضًا اكتشفت أن الرجال الملتحين ليسوا بأشرار أومخيفين مثلما كنت أشاهدهم في أفلام ''عادل إمام'' وغيره، ولم يغير معاملته لي، بعد أن تركت عالمه، وشيوخه.
أمام منزلي رأيته بوجه ينضح بحزن كبير، ناديت عليه، احتضنته، وسألته عن الأحوال، قال لي '' أحد الإخوة قتل بالأمس أمام جامعة القاهرة علي يد بلطجية وسندفنه غدا''، سألته: ماذا تري في أمر البلاد وهل فعلا تنوون النزول ضد الشعب والجيش في حالة رحيل مرسي، ظهرت ابتسامة على ملامحه مغتصبة، وقال: عن نفسي لن أذهب إلى أي تظاهرة وسأبقى في بيتي انتظر اعتقالي رغم عدم مشاركتي في أي أحداث، وأعتقد أنه حال أغلب الإخوة، من يستطيع أن يقف أمام الجيش؟، ''مرسي'' ليس بالرئيس الجيد، لكن لن يأتي بعده أفضل.. كان على القوى السياسية أن توافق على محاورته ويضعون حلول تقي البلاد أي شرور.
ربت على كتفه وقلت ''مرسي أخطأ ولا بديل عن انسحابه من المشهد'' وأردفت ''ربنا هيستر''، ارتسمت على وجهه تلك المرة ابتسامة رضا حقيقة، وصوب نظراته تجاه علم لمصر يرفرف من إحدى البيوت، وقال لي ''ربنا يكتب الخير للبلد''، ثم ودعني ورحل.
''طه'' وآلاف من المنتمين للتيارات الإسلامية، أوالملتحيين، أناس طيبين، لا علاقة لهم بالسياسة ودروبها المُدنسة، لا يهتمون سوى بأداء الفريضة، ونشر تعاليم الدين بأسلوب مُحبب للقلب، لا يفرضون على الناس شىء، ولا يتعاملون بفظاظة، وأكثرهم يبغض مثلنا من يخرجون علينا عبر القنوات الفضائية، يشوهون صورة الدين الإسلامي بأسلوبهم الفظ وكلامهم السىء.. فلا تحكموا على كل مُلتحي أو منتمي لتيار سياسي إسلامي بعنصرية أو تمسوهم بسوء.. عاملوهم برفق يليق بثورتنا السلمية.