كتبت - نوريهان سيف الدين:
هو "الرجل الغامض" و"صقر المخابرات"، وهو أيضًا "خزانة الأسرار" والخليفة المتوقع لمبارك في عام حكمه الأخير، إلا أن "مبارك" لم يجد أفضل منه ليضع فيه ثقته لإدارة شئون البلاد قبيل تنحيه بيوم واحد، وتفويضه لإدارة الحوار الوطني مع القوى الثورية أثناء اندلاع ثورة 25 يناير، لينتهي المشهد بظهوره في بيان مقتضب يعلن فيه "تنحي مبارك" وتولي المجلس العسكري إدارة شئون البلاد.
"الميلاد"
يحتفل مؤيدي "اللواء عمر سليمان" بميلاده، بعد يوم واحد من بيان الفريق أول عبد الفتاح السيسي، الذي أثار جدلاً كبيرًا في الشارع المصري، "عمر سليمان" المولود في الثاني من يوليو 1936 بمحافظة قنا بصعيد مصر، التحق بالكلية الحربية وتخرج منها عام 1954 ليلتحق بعدها بالقوات المسلحة، و يسافر لاستكمال دراسته العسكرية في الاتحاد السوفيتي بأكاديمية "فرونزي" العسكرية، ويعود ليستمر في الدراسة، ولكن هذه المرة في المجال السياسي، فيلتحق بجامعة عين شمس ويحصل على شهادة "البكالريوس" في العلوم السياسية، ثم بجامعة القاهرة حاصلا منها على درجة الماجيستير في نفس التخصص.
"الثعلب"
طوال هذه السنوات لم يتوقف "الثعلب عمر سليمان" عن عمله بالقوات المسلحة المصرية، واتسمت شخصيته بالصرامة الشديدة، وتدرج في الرتب العسكرية والمناصب حتى وصل لمنصب "رئيس فرع التخطيط العام" بهيئة عمليات القوات المسلحة المصرية، قبل أن يتولى منصب "رئيس جهاز المخابرات المصرية"، خلفًا للواء "نور الدين عفيفي"، في الفترة من 22 يناير 1993 وحتى اندلاع ثورة يناير "29 يناير".
خلال عمله على رأس جهاز المخابرات، تولى "سليمان أكثر الملفات المخابراتية حساسية على رأسها "ملف القضية الفلسطينية"، وسعى خلالها لإحداث التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والتنسيق بينهم من خلال مبادئ الأرض والسلام، وأيضًا ملفات الأسرى وملف الجندي الإسرائيلي المختطف "شاليط"، ومبادلته بالأسرى الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية، كما سعى أيضًا للتهدئة بين الفصائل الفلسطينية من أجل تحقيق "المصالحة"، والتي أثمرت عن نتائجها بعد ثورة يناير بشهور قليلة.
كما أسند إليه الرئيس السابق "مبارك" ملف أزمة النيل بعد سحبه من الخارجية المصرية، ووكل إليه التعامل مع دول حوض النيل، وحل أزمة "سد الألفية"، إلا أن "سليمان" وضع سيناريو رأى فيه أن هذه الدول أقل من أن تعامل بالحوار والدبلوماسية، وأن الانصياع لرغبات مصر والسودان "دولتي المصب"، أمر حتمي توجبه اتفاقيات توزيع حصص مياه نهر النيل السنوية.
على الرغم من نجاحاته المتواصلة في إدارة ملفات المخابرات وخاصة تلك المتعلقة بالقضية الفلسطينية، إلا أن الاتهامات وجهت له بالتعنت ومحاباة الجانب الإسرائيلي خاصة فيما يتعلق بقضية المعابر، وعرقلة إجراءات مرور الفلسطينيين وقادة حماس عبر معبر رفح، كما وجه إليه اتهام الضلوع في تعذيب معتقليين جهاديين بالسجون المصرية بعد أحداث 11 سبتمبر، وملاحقة الولايات المتحدة لهم.
"نائب الرئيس"
كان "عمر سليمان" أول نائب لرئيس الجمهورية منذ أكثر من 30 عامًا، فهذا المنصب كان آخر من شغله هو "مبارك" نفسه فترة حكم "السادات"، إلا أنه مع الثورة وتزايد مطالب إسقاط النظام بادر "مبارك" ببعض الإجراءات الإصلاحية منها تعيين نائبا له يتولى إدارة الحوار الديمقراطي، و هو بالفعل ما تحقق، وكان "الإخوان" من ضمن الحضور على الرغم من عدائهم الشديد لـ"سليمان"، إلا أن الشعب رفض الحوار وأبى إلا إسقاط النظام.
10 فبراير 2011
"سليمان" يتولى إدارة شئون البلاد مؤقتًا بصفته "نائب الرئيس" خلفًا لمبارك وفقا للدستور، إلا أنه عاد بعد يومًا واحدًا 11 فبراير ليعلن تنحي مبارك وتولي "العسكري" شئون البلاد.
ينزوي "اللواء سليمان" قليلا ولا يبدي تصريحات بكثافة، حتي تخرج بعض المؤيدين له في العباسية يطالبونه بالترشح لرئاسة الجمهورية، ليعلن في 6 أبريل 2011 ترشحه رسميًا للرئاسة، في نفس توقيت ترشح القيادي الإخواني وعضو مكتب الإرشاد "المهندس خيرت الشاطر" أيضًا لرئاسة الجمهورية، ليترشح "سليمان" في 7 أبريل قبل إغلاق باب الترشح بـ(20 دقيقة) فقط، إلا أن اللجنة تستبعده بعد اتضاح أن توكيلات ترشيحه قادمة من عدد محافظات أقل من عدد المحافظات المطلوب نصابها لصحة الترشيح.
الرحيل
بعد عام، وفي 19 يوليو 2012، يرحل فجاة "الثعلب عمر سليمان"، ويعلن مساعده "حسين كمال" والمشهور جماهيريًا بـ"الراجل الواقف ورا عمر سليمان"، أنه ذهب للعلاج بإحدى مشافي كليفلاند بالولايات المتحدة، إلا أنه توفي اثر أزمة قلبية مفاجئة، و ليس كما أشيع عن اغتياله في تفجير مقر الأمن القومي السوري.