القاهرة - (رويترز):
في كتاب الباحث المصري الراحل سامر سليمان (النظام القوي والدولة الضعيفة) استعراض لتدهور كفاءة ''كل النظم الدكتاتورية'' بسبب غياب المؤسسات واعتماد رأس النظام على من هم أقل كفاءة منه مستشهدا بنموذجي الاتحاد السوفيتي السابق ومصر.
ويقول إن المراقبين توقعوا أن يكون الرئيس المصري السابق حسني مبارك ''مجرد رئيس انتقالي إلى أن تستقر الأمور'' عند صعوده لقمة السلطة بعد اغتيال سلفه أنور السادات بيد متشددين إسلاميين عام 1981 فإذا به يحتفظ بالسلطة 30 عاما رغم ضعف قدراته السياسية.
ويفسر ذلك بأن مبارك -الذي أطاحت به الاحتجاجات الشعبية في فبراير شباط 2011- كان قائدا عسكريا منضبطا ويخلو تاريخه من كفاءة سياسية ''ولم يكن يستطيع مواجهة الجمهور إلا من خلال نص مكتوب'' ولكنه اعتمد على دكتاتورية تحكم بقبضة من حديد في السياسة وتطبق سياسة ليبرالية في الاقتصاد وهكذا كان النظام قويا والدولة ضعيفة.
ويسجل أن النظم الدكتاتورية تحمل بذور تدهورها.
فبعد الرئيسين السابقين جمال عبد الناصر والسادات اللذين كان لهما تاريخ سياسي في سن مبكرة إضافة إلى تمتعهما بمواهب القيادة ''والخطابة في الجماهير بعفوية وبتأثير مذهل'' تولى مبارك الحكم وهو ما يراه سليمان نوعا من المفارقة.
ويقول ''لولا ثورة يناير (2011) لكان مبارك قد أتى بمن هو أقل منه سواء ابنه (جمال) أو أي شخص آخر.''
ويقول إن نموذج الاتحاد السوفيتي بدأ بفلاديمير لينين ''العقلية السياسية الجبارة. ثم بدأ انحداره على يد (جوزيف) ستالين وأخيرا وصل للقاع على يد (ليونيد) بريجنيف ومن جاء بعده. الدكتاتور لا بد وأن يحيط نفسه بمن هو أقل منه. هذا هو قانون الدكتاتوريات الحديدي.''
وتوفي سليمان الذي كان أستاذا للعلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة في ديسمبر كانون الاول 2012. ويقع الكتاب يقع في 312 صفحة كبيرة القطع ويحمل عنوانا فرعيا هو (إدارة الأزمة المالية والتغيير السياسي في عهد مبارك) وصدرت طبعته الجديدة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في القاهرة.
وفي مقدمة الكتاب يقول الباحث الأمريكي كليمنث هنري إن مبارك نجح في البقاء فترة طويلة لأسباب منها البيروقراطية وقدرة المؤسسات على الاستمرار وفقا لإرادة رأس النظام إضافة إلى أنه ''تمكن بدهاء من أن يحيد الجيش عن طريق التخلص من (وزير الدفاع المشير محمد عبد الحليم) أبو غزالة'' عام 1989.
ويقول المؤلف إن التحولات داخل النظم الاستبدادية لا تكون لصالح الديمقرطية أو مزيد من الحريات بل تحتفظ ببعض ''الثوابت... وعلى رأسها الطبيعة الاستبدادية'' مع ملاحظة انخفاض الميل الاستبدادي مع قدوم الرئيس الجديد ولكنه بمرور الوقت ''يزيد من جديد''.
ويسجل أن مبارك ''في احتكاره للحكم'' اعتمد على نظام استبدادي تسلطي يستخدم آليات عنيفة وأحيانا ناعمة إضافة إلى شراء رضاء بعض الفئات الاجتماعية وضمان هدوء فئات أخرى.
ويرصد كيف أصبح ''الأسياد'' في عصر مبارك من خارج كبار رجال الدولة من البيروقراطية والعسكر إذ ظهرت ''طائفة أسياد جديدة'' من رجال الأعمال معتبرا تعدد طوائف الأسياد جزءا من مظاهر الاستبداد.
ويرى أن جزءا من قدرة مبارك على الاحتفاظ بالحكم رغم التناقضات والمشكلات الاجتماعية وانخفاض الموارد يرتبط بأن تعدد هؤلاء الاسياد ''يتيح هامشا أكبر للمناورة للأتباع.''
ويقول سليمان إن الطبيعة التسلطية لنظام مبارك من أبرز العقبات التي حالت دون بناء دولة مؤسسات قوية.