كتبت - نوريهان سيف الدين:
في 17 يونيو 1917 كان الميلاد، المكان هو ''حارة جنينة ناميش'' بحي الدرب الأحمر، والوالد هو ''محمد أفندي السباعي'' مدرس اللغة العربية والكاتب القصصي، في هذا الحي المفعم بالقصص البشرية، ولهذا الأب المتذوق للغة والأدب ولد ''يوسف محمد محمد عبد الوهاب السباعي''.
طفولة هادئة وعادية ميزها تفوقه الدراسي، أحب القراءة خاصة وإن مكتبة والده تضم نفائس من الأعمال الأدبية المتنوعة، وهو ما أهله للبدأ في كتابة الأشعار وبعض الأزجال في سن مبكرة، ونشر أول قصة قصيرة له عام 1933 في مجلة ''المجلة'' بعنوان ''تبت يدا أبي لهب وتب''، وكان لا يزال طالبا في ''البكالوريا - الثانوية'' .
''إلى أحب من أوفى، وأوفى من أحب .. مخضوضة هانم''.. كان إهداء في مقدمة إحدى رواياته إلى أول قارئة له ومحبوبته الوحيدة، بنت عمه وزوجته السيدة ''دولت طه السباعي''، والتي عشقته وأحبت هدوءه وطيبته منذ صغرها، وكاد حب ''يوسف'' أن يسقطها في الامتحان بعد أن ظل طول العام يقوم برسم اللوحات الفنية المكلفة بها بدلا منها، لتفاجئ في الامتحان أنها غير قادرة على رسم خطًا واحدًا، وبالكاد نجحت في المادة التي ظلت متفوقة فيها طوال العام.
أما لقب ''مخضوضة هانم'' فأطلقه هو عليها بسبب خوفها الشديد عليه، حتى أنها كانت تهرع لجذبه للداخل، إن رأته واقفًا في شرفة المنزل خوفًا أن يسقط، و تنهاه أن يسافر راكبًا ''طيارة''.
على الرغم من ميله الأدبي ورغبة مشجعته ''دولت'' أن يصبح ''أديبًا كاتبًا''، إلا أنه التحق بالكلية الحربية، وتخرج منها عام 1937 بـ''سلاح الفرسان''، وخدم فترة بالجيش قبل أن يعود للكلية ''مدرسًا للتاريخ العسكري'' عام 1942، وأثناء هذه الفترة من العمل العسكري والعلاقة بتنظيم ''الضباط الأحرار''، كان يمارس أيضًا أعماله الأدبية، ليقدم قبل الثورة أعمال: ''أطياف ونائب عزرائيل 47، يا أمة ضحكت وخبايا الصدور 48، أرض النفاق، في موكب الهوى 49، بين أبو الريش وجنينة ناميش، هذه النفوس ومبكى العشاق 1950'' .
''أم رتيبة 1951''.. لا يعلم الكثير أن هذه المسرحية المغلفة بروح الكوميديا والفكاهة لم تكن إلا ''محاولة للتسلية عن والدته''، بعد أن أرهقها الحزن بعد وفاة والده ''محمد أفندي السباعي''، ولم يكتفي ''يوسف'' بلمسات الفكاهة وكوميديا الموقف التي كانت دائمًا حاضرة في أعماله الأدبية والرومانسية، ولكنه ألف قصة كاملة قائمة على الكوميديا، لتتحول عام 1959 لفيلم سينمائي بطولة ''ماري منيب وفؤاد شفيق وعمر الحريري'' وإخراج ''السيد بدير''.
بعد ثورة يوليو 1952، أصبح ''يوسف السباعي'' مديرًا للمتحف الحربي، وخلال هذه الفترة برز اسمه ضمن أشهر كتاب النهضة الثقافية المصرية، وكانت أعماله الأكثر رواجًا ومبيعًا خاصة بين الشباب والمراهقين، ووصفه الأديب الكاتب ''توفيق الحكيم'' فقال: ''هو السهل العذب الباسم الساخر''.
22 مجموعة قصصية وأكثر من 15 رواية و4 مسرحيات وكتاب في أدب الرحلات، فضلا عن مقالاته في الصحف والمجلات، هي كل تركة ''يوسف السباعي'' الأدبية، ومن بين أعماله التي تحول عدد كبير منها لأعمال فنية ''بين الأطلال، إني راحلة، رد قلبي، جفت الدموع، نادية، نحن لا نزرع الشوك''، و أيضًا ''السقا مات، أرض النفاق، ابتسامة على شفتيه''، وكانت رواية ''العمر لحظة'' هي أخر أنتاج أدبي له في 1973.
''بيني وبين الموت خطوة سأخطوها إليه أو سيخطوها إلي، فما أظن جسدي الواهن بقادر علي أن يخطو إليه، أيها الموت العزيز اقترب، فقد طالت إليك لهفتي وطال إليك اشتياقي''.. هكذا وصف ''السباعي'' الموت، وكان دائمًا يتحدث عن الموت فجأة وكأنه يتنبأ بنهايته .
أثناء سفره إلى ''قبرص'' لحضور مؤتمر ''أفرو أسيوي''، اغتالته جماعة إرهابية لموقفه الداعم من ''معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية''، ولم تكتف الجماعة المنفذة للاغتيال بهذا فحسب، بل احتجزوا جثمانه مع الوفود المشاركة في المؤتمر، مطالبين القوات القبرصية بتوفير طائرة تنقلهم خارج قبرص، وهو ما دفع ''السادات'' لإرسال قوات خاصة في عملية عسكرية للإتيان بجثمان ''فارس الرومانسية''.
تواريخ في حياة ''يوسف السباعي''
17 يونيو1917 ''الميلاد''
1933 '' نشر أول عمل أدبي له ''رواية : تبت يدا أبي لهب'' في مجلة ''المجلة''
1937 ''تخرج في الكلية الحربية ''سلاح الفرسان''
1942 ''العمل كمدرس للتاريخ العسكري بالكلية الحربية''
1952 ''مديرًا للمتحف الحربي''
1959 ''سكرتير عام المحكمة العليا للفنون، و سكرتير عام مؤتمر الوحدة الأفرو أسيوية''
1965 ''رئيس تحرير مجلة ''آخر ساعة''.
1966 ''سكرتير عام مؤتمر شعوب آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية، وعضوًا متفرغًا بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب بدرجة ''وزير''.
1970 ''الحصول على ''جائزة لينين للسلام''، وسام الاستحقاق الإيطالي ''درجة فارس''
1971 ''رئيس مجلس إدارة ''دار الهلال''
1973 ''وزيرًا للثقافة في عهد ''السادات''، وهي السنة التي فاز فيها بجائزة الدولة التقديرية في الآداب ورفض استلامها بسبب منصبه
1975 ''مبادرة تأسيس ''اتحاد الكتاب المصريين'' مع (توفيق الحكيم ونجيب محفوظ)، و تأسيس ''نادي القصة'' مع (إحسان عبد القدوس)، و''المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية''
1976 ''وسام الجمهورية من الطبقة الأولى، عضو مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، نقيب الصحفيين، جائزة وزارة الثقافة والإرشاد القومي عن أحسن قصة لفيلمي ''رد قلبي و جميلة الجزائرية''
18 فبراير 1978 ''الاغتيال في ''قبرص''