كتبت - نوريهان سيف الدين:
''عبده الحامولي'' .. أحد أشهر أعلام الموسيقى المصرية والعربية، وهو مجدد الموسيقى في أواخر القرن التاسع عشر.
ولد ''عبده الحامولي'' في القاهرة، ولم يعرف عن سيرته الأولى سوى أنه كان فقير، ويعمل مع أخيه الأكبر لمساعدة أبيه في كفالة أسرتهم، إلا أن قسوة الأب دفعته هو وشقيقه للهرب واللجوء لأحد أصحاب مقاهي الأزبكية للعمل والنوم في المقهى بعد إغلاقه، وكان وقتها ''عبده'' شابًا صغيرًا حسن الصوت، ورأى فيه ''المعلم شعبان - صاحب المقهى''، كنزًا كبيرًا؛ إذا ما جعله يغني للزبائن.
ذاعت شهرة ''عبده - الصييّت'' الجديد بمقهى ''المعلم شعبان''، ورأى فيه صاحب المقهى ''دجاجة تبيض ذهبًا''، وخاف أن يتركه للعمل في مقهى آخر، فقرر أن يزوجه ابنته، وبالفعل؛ تزوج ''عبده'' ابنة المعلم، لكنهم عاملوه بقسوة كبيرة، وصبر على المعيشة معهم لأنه لا يملك مسكنًا آخر.
في هذه الفترة، تعرف ''عبده الحامولي'' على ''شاكر أفندي الحلبي''، المطرب القادم من بلاد الشام، فتعلم علي يديه أصول الغناء العربي وغناء القدود الحلبية، وكوّن تختًا موسيقيًا خاصًا به، وشيئًا فشيئًا ذاع صيته أكثر، حتى سمعه ''أفندينا الخديوي إسماعيل''، ذات يوم وكان عاشقًا للفنون، فقرر ضمه لمطربي القصر، وأرسله في بعثة لتعلم الموسيقى والغناء في ''الآستانة''، وبهذا تمكن من معرفة الموسيقى التركية وترجمة أغانيها للعربية، والمزج بين الذوق التركي و الشامي والمصري في غنائه، واستخدام مقامات موسيقية جديدة مثل ''النهاوند'' و''الكرد''.
ضمه لحاشية ''أفندينا''، واتصاله بكبار الشعراء والمثقفين كفل له الرقي والذوق في اختيار الكلمة، فتعامل مع رب السيف والقلم الشاعر ''محمود سامي البارودي – وزير الحربية ورئيس الوزراء في عهد الخديوي توفيق''، كما تعامل مع الشاعر ''إسماعيل صبري باشا''، وكذلك كتب له مفتي الديار المصرية الشيخ ''عبد الرحمن قراعة''، والشاعرة ''عائشة هانم التيمورية'' بعض أغانيه.
أشهر منافسيه في هذا الوقت كانت ''مطربة السرايا - ألمظ''، ''سكينة'' الفتاة الفقيرة القادمة من الإسكندرية، عاملة البناء ذات الصوت القوي، والتي سمعتها ''الست ساكنة - راقصة وصاحبة فرقة صغيرة في روض الفرج''، فقررت ضمها إليها للغناء في الأفراح، وتفوقت ''ألمظ'' على ''الست ساكنة''، حتى كتب لها يومًا الغناء في فرح في أحد القصور، وهناك سمعها ''أفندينا الخديوي عباس حلمي''، فقرر ضمها هي الأخرى للحاشية ومطربي السرايا.
بعد المنافسة جاءت قصة الحب بين أشهر مطربين في القرن الـ19، وتزوجًا وتحجبت ''ألمظ'' ولم تغني مرة أخرى، وعاشت مع زوجها حتى ماتت في ريعان شبابها في سن الـ36، وعاش ''عبده الحامولي''، الذي ولد في (18 مايو 1836)، في خدمة فنه حتى مات في 12 مايو 1901.