كتبت - نوريهان سيف الدين:
قديما قالوا "ياما في السجن مظاليم"، ولكن مع مضي الوقت، وقيام الثورات أخذ المثل الشعبي منحنى آخر، وأصبح "ياما في السجن رؤساء"؛ فمساجين السياسة بالأمس تحرروا اليوم، ووصل ببعضهم المطاف لأن يتولى سدة حكم البلد التي سجنته، ومن هؤلاء "المساجين السياسيين" كان الرئيس الدكتور "مرسي"، ورئيسة البرازيل الحالية "ديلما روسيف"، والتي ألتقى بها "مرسي" خلال زياته لبلادها التي بدأها، الثلاثاء الماضي.
"محمد مرسي" المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، والتي كانت توصف بـ"المحظورة سياسيًا" حتى نشوب ثورة 25 يناير عام 2011، والتي كُسرت فيها جميع التابوهات السياسية بسقوط نظام مبارك، وخلخلة التيارات السياسية القائمة على الساحة، وظهور تيارات سياسية ثورية جديدة، وعودة جماعة الإخوان للظهور مرة أخرى لتنافس بقوة على الساحة السياسية.
الفضل لإطلاق سراح الدكتور "مرسي" وعودته مع آلاف غيره كان للثورة، وفيها كسرت قيود السجون، وخرج من فيها ومن ضمنهم المعتقلين السياسيين، و من بينهم "مرسي" ومعه 24 آخرين من قيادات الإخوان على خلفية أحداث "جمعة الغضب" في 28 يناير 2011، إلى أن قام الأهالي باقتحام سجن "وادي النطرون"، وتهريب المساجين ومنهم المعتقلين السياسيين.
وقبيل أيام قليلة من نشوب الثورة المصرية، وعلى الطرف الآخر من الكرة الأرضية، كانت بلاد "الكرة والسالسا والسليساو .. البرازيل"، كانت على موعد لأن تتولى رئاستها "ديلما روسيف"، لتكون أول امرأة برازيلية تتولى هذا المنصب الرفيع بعد 35 رئيس سبقها.
"ديلما روسيف" المولودة في 1947، والدارسة لعلوم الاقتصاد، حملت عدة حقائب وزارية أثناء فترة سابقها "لولا دي سيلفا - الرئيس البرازيلي السابق"، و كلفت أيضا بتشكيل الوزارة في عام 2005، إلا أن انتمائها لأقصى اليسار السياسي هو "مفتاح السر" في حياتها السياسية، وسبب لاعتقالها وبقائها في السجن "ثلاث سنوات" على خلفية اعتراضها على سياسات القمع في البرازيل.
خاضت "روسيف" سباق الانتخابات الرئاسية خريف 2010، وفازت أمام منافسها "جوزيه سيرًا" مرشح الحزب الديمقراطي الاشتراكي، واحتاجت "روسيف" إلى (جولة إعادة) للتصويت لحسم نتيجة الانتخابات بنتيجة 58%، وتتولى مهام منصبها مع بداية 2011، لتكون "مصر" بعد أيام قليها على موعد مع رحيل رئيس ونظام بأكمله، وقدوم ثورة و "رئيس" آخر بعد عام ونصف العام من تلك الثورة.