كتب - إسلام صلاح وإشراق أحمد:
بابتسامة بشوشة تجلس الحاجة ''صباح'' في مشغل الخياطة الذي تعمل به، وبكرمها الذي عهده المحيطين بها تقدم واجب الضيافة لكل مَن يطرق بابها؛ فالعطاء هو صفتها الذي اشتهرت به رغم ما عانته من ظروف العمل ومشقة الحياة .
''صباح'' سيدة أسوانية بسيطة، تعمل بإحدى شركات القطاع العام، وتضررت مثل كثيرين من خصخصة الشركة منذ سنوات؛ حيث تعرضت للتسريح من عملها، مما كبدها معاناة البحث عن عمل جديد، حتى عادت لعملها مرة أخري بعودة ملكية الشركة للقطاع العام.
''ست الكل أو أم الكل'' هكذا يلقبها أهالي منطقتها، فهي مقصد المساكين وكل محتاج لقضاء حوائجهم أو تقديم مساعدات لهم، ويشهد لها زملائها في العمل بأمانتها وتفانيها.
وإذا كان العمل بالشركة صباحاً؛ فإن فترة المساء عند ''صباح'' مخصصة للعمل في مشغل الخياطة الذي تملكه أسرة فقدت عائلها منذ خمسة عشر عاماً، ليبقى الأبناء ووالدتهم بلا عائل غير '' صباح'' التي تخصص دخل المشغل بالكامل لهم.
وعن المشغل تقول ''صباح'': ''منذ سنوات بعد تعرضي للفصل من الشركة التي كنت أعمل بها بعد خصخصتها، قمت بعرض اقتراح علي ربة أسرة توفي زوجها، وفقدت الأسرة بوفاته عائلها ومصدر دخلها الوحيد، أن أدير مشغل خياطة تملكه الأسرة، نظراً لمهارتي في أعمال الخياطة، وقررت أن يذهب النصيب الأكبر من دخل المشغل للإنفاق علي تلك الأسرة، وأن أحصل منه فقط علي ما يسد حاجتي، وبعد عودتي للعمل قررت أن يكون دخل المشغل بالكامل للأسرة''.
''اللي ربنا مقدره يعمل خير ميتأخرش عنه''.. كلمات تؤمن بها ''صباح'' وكلما سنحت الفرصة ترسلها لكل من يصل إليه صوتها.
أما أمنيتها فلم تكن إلا أن '' يرزقني الله بحج بيته الحرام، وقد استجاب الله لي وحججت بيته، وليس لي أمنية الآن سوي أن يتم قبولي كمتطوعة للخدمة في إحدى دور المسنين بعد خروجي علي المعاش، لرعاية كبار السن والاهتمام بأمورهم، للتخفيف عنهم مما يجدون من الجحود والإهمال من أولادهم''.
ولم تنتهي كلمات ''صباح'' إلا بدعوتها لتحسين أوضاع العمال في مصر خلال الفترة القادمة، وقيام الحكومة بخطوات جادة لتوفير الرعاية اللازمة للعمال وأسرهم، وتجنيبهم أخطار التسريح والتشريد بخصخصة شركات القطاع العام.