كتبت - نوريهان سيف الدين:
مع اقتراب عيدهم.. ينتظر العمال ماذا سيمنح لهم ليخفف عنهم أعباء المعيشة و غلاء المصاريف، يوما واحدا (شبه احتفال)، و بقية الأيام في صراع من الزمن و المكان و رب العمل، في صراع مع الظروف السياسية و الاقتصادية، و يبقى تعليقهم ''ما باليد حيلة''، ويأملون يوما ينادون فيه ''المنحة يا ريس''.
وبعد عامين من الثورة، و بعد أن توالى على مصر خمس رؤساء – إضافة لرئيس وزراء انتقالي الدكتور عصام شرف-، و بعد أن كان الرؤساء هم المبادرين بزيارة المصانع لافتتاحها وسط عمالها، أو إلقاء الخطب من داخل المدن العمرانية الجديدة كـ15 مايو و العاشر من رمضان، و الوقوف أمام مفيض توشكى للتحدث عن انجازات العمال، تبدل الحال، و أصبح احتفال العمال من داخل قصر ''القبة'' الرئاسي.
''قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون''.. بهذه الآية الكريمة استهل الدكتور ''محمد مرسي - رئيس الجمهورية'' خطابه لعمال مصر في الاحتفال بعيدهم، والتي ألحقها بآية قرآنية أخرى هي ''و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون''.
حديث لحضور ممثلين عن النقابات العمالية وعمال قلاع الصناعات المصرية الثقيلة والكبرى مثل ''غزل المحلة، الحديد و الصلب، وغيرهم''، وهي الملاحظة التي دونها زوار شبكة التواصل الاجتماعي ''فيسبوك''؛ حيث أن غالبية هذه المصانع ''إنتاج عصر عبد الناصر''، وجاء اليوم ليتحدث عنها رئيس جاء من ''مدرسة الإخوان''، ويتباهى بعمالها وإنتاجهم و صلابتهم، وهو ما جعل زوار ''فيسبوك'' و''تويتر'' يقولون: ''مرسي ناصري في عيد العمال وعسكري في تحرير سيناء''.
ملاحظة أخرى دونها نشطاء ''فيسبوك و ''تويتر'' هي كثرة ''التصفيق'' لكلمات مرسي لدرجة جعلته يتوقف عن إلقاء خطابه عدة مرات ويوجه كلامه للحضور، بعد أن بدأوا لقائهم معه بهتافات ''بنحبك يا ريس''، وهو ما جعل بعض زوار ''فيسبوك'' والمعلقين على مقاطع الفيديو على ''يوتيوب'' يعلقون: ''هو الدخول كان بكارنيه الحرية و العدالة ولا إيه؟''.
الحديث تناول العمالة المصرية في الخارج، و اعتماد الاقتصاد على تحويلات المصريين لأموالهم إلى مصر، و توجيهات الحكومة للسفارات و القنصليات بالاهتمام بالعامل المصري حتى ينال كامل حقوقهم، وأردف '' وأعتقد أن العمال المصريين في الخارج بدأوا يستشعروا اهتماما حقيقيا بهم وبأوضاعهم من الدبلوماسية المصرية''.
الخطاب السياسي والاقتصادي كان دائما ما يناقش ''الدعم على السلع''، والسؤال الأبدي حول تحرير الأسعار ورفع العبء عن كاهل الدولة، أو التزام الدولة بمسئوليتها الاجتماعية نحو المواطن بتحقيق الدعم ووصوله لمستحقيه، أما في خطاب ''مرسي'' هذه المرة فأخذ شكلا جديدا، و قال ''أن أجهزة الدولة تسعى مع المنظمات النقابية لهيكلة الاقتصاد و البنية المجتمعية لمصر ما بعد الثورة وتحقيق العدالة الاجتماعية''.
''المنحة يا ريس'' .. هتاف العمال الخالد منذ ثورة يوليو 52، مع قدوم يوم العمال و الاقتراب من ''يوليو؛ حيث ميزانية السنة المالية الجديدة و بشائر رفع العلاوات و الاجور، أو استمرار الكساد كما هو في السنوات الأخيرة .. العمال الحضور أثناء الخطاب قاطعوا ''مرسي'' بندائهم (المنحة يا ريس)، فرد عليهم: ''معادش فيه مجال إن حد رئيس أو غيره يدي منحة لحد، انتم أصحاب المنحة، أنتم الذين تمنحون الوطن و أهله الحياة الكريمة بالإنتاج بالعرق و العمل .. و مع ذلك حقوقكم محفوظة''.
''رسالة إلى فئات خاصة''.. وجهها الدكتور ''مرسي'' في نهاية خطابه إلى كل من (المرأة المصرية العاملة، ورجال أعمال مصر الشرفاء، و إلى العامل المصري)، و الذي سرد فيها ''مرسي'' هدف أولى رحلاته للخارج من أجل جذب المستثمرين للاستثمار في مصر، مناديا العمال في القطاعات المختلفة، و منها ''السياحة''، قائلا أنها أحد أهم مواردنا في المرحلة المقبلة.
''أزمة السلطة القضائية'' ألقت بظلالها على خطاب عيد العمال، و كان لزاما على رئيس الجمهورية الحديث عنها لطمأنة العمال و المشاهدين لخطابه جميعا، فقال: ''استقلال القضاء هو الركيزة الأساسية لدولة القانون، و هي الكفيلة لدولة القانون''، واصفا إياهم بـ''أهل القانون و حماته''، مؤكدا على مبدأ الفصل بين السلطات، لكن ليس بمعنى ''الانفصال بين السلطات و انكفاء كل سلطة على ذاتها''، و إنما بتكامل الأدوار.
''التعديل الوزاري'' هو الآخر كان له نصيبا من الحديث ضمن طيات خطاب ''مرسي''، فقال أنهم بصدد تعديل وزاري و تغيير في بعض المحافظات على أساس الكفاءات، على أن يكون المعيار الأول هو ''المواطن'' و تحسين الخدمات و رفع مستوى الاقتصاد، مضيفا أنهم تواصلوا مع عدد من الأحزاب السياسية لترشيح أكفاء ترضاهم لهذه المناصب بعد تأجيل الانتخابات البرلمانية، مؤكدا على مبدأ ''الحكومة التكنوقراطية''.