كتبت - نوريهان سيف الدين:
15 عاما على الرحيل ولا زالت كلماته تلهم الساسة و النشطاء قبل العشاق، أبيات خلدتها دواوين الشعر العربي، و بحروف من نور سطّر اسمه بين عظماء شعراء القرن الماضي و مجددي الشعر العربي. ولا يزال ''نزار قباني'' هو شاعر الحب الأول في الوطن العربي.
الدبلوماسي و الشاعر السوري ''نزار بن توفيق القباني'' المولود في 21 مارس 1923 لأسرة دمشقية ذات أصول تركية، درس القانون بالجامعة السورية و تخرج فيها عام 1945، ليلتحق بالعمل في السلك الدبلوماسي، و يتنقل بين عواصم العالم، إلا أنه لم يستمر في عمله، و يتقدم بإستقالته عام 1966 متفرغا للعمل الأدبي.
''قالت لي السمراء'' .. ديوانه الشعري الأول الذي صدر له قبيل تخرجه في الجامعة عام 1944، و كان قد تدفقت موهبته منذ الصبا، و كتب أولى أبياته الشعرية عام 1939 أثناء رحلة مدرسية إلى (روما)، أبدع فيها في وصف البحر و السماء و جمال الطبيعة، و طيلة حياته الأدبية قدم لمكتبة الشعر العربي حوالي 35 ديوانا شعريا أبرزها ''طفولة نهد'' و ''الرسم بالكلمات''، كما أسس دارا لنشر أعماله ببيروت اسماها ''منشورات نزار قباني''.
لعبت السياسة دورا هاما و كانت عاملا حيويا مؤثرا في أشعار ''نزار قباني''، و كان للنكسة العربية (يونيو 1967) بالغ الأثر في أعمالهن لدرجة وصلت إلى منع نشر أعماله و تداولها في وسائل الإعلام، و ذلك بعد كتابته قصيدة ''هوامش على دفتر النكسة''، و التي أحدثت أصداء واسعة في العواصم العربية متجاوبة معها.
حبه للمرأة بدأ منذ صباه و ربما منذ الطفولة، محبوبته الأولى كانت ''أمه''، و التي ارتبط بها و ظل ملتصقا بها حتى بلوغه السابعة من العمر، لدرجة أنها كانت تطعمه بيديه، فنشأ محبا للأمومة و متفهما دور المرأة لأقصى درجة. الحب الثاني في حياة ''نزار'' كان لشقيقته، و التي ماتت (منتحرة) بعد إرغام أهلها لها للزواج، و تركت مآساة انتحارها جرحا عميقا في نفسه، و تأتي الطعنة الثالثة بوفاة زوجته ''بلقيس'' جراء تفجير انتحاري في بيروت، و يأتي خبر وفاة ابنه ''توفيق'' ليكمل مآساته، و يرثيه بقصيدة ''الأمير الخرافي توفيق قباني''.
بعد وفاة ''بلقيس'' انتقل ''نزار'' للإقامة في لبنان حيث ماتت زوجته، و بعدها انتقل إلى جينيف ثم إلى باريس، إلى أن استقر به المقام في لندن حتى وفاته هناك، و منها أصدر أهم اشعاره و أكثرها سخونة و منها ''متى يعلنون وفاة العرب''.
رحل ''نزار'' في عمر الخامسة و السبعين بعد تردي في حالته الصحية و معاناته لأزمة قلبية، لتفيض روحه في مثل هذا اليوم المتمم لابريل 1998 في إحدى مشافي لندن، و نقل جثمانه لدمشق، و يوارى الثرى بعد أربعة أيام من الوفاة، و في 2008 بإعلان دمشق عاصمة للثقافة العربية و في ذكرى وفاته، طاف محبيه في شوارع العاصمة و أرجاء سوريا يلقون أشعاره و يوزعون نسخا من دواوينه.
طيلة نصف قرن من الإبداع و الغزارة الشعرية قدم فيها 35 ديوانا، و تغنى بكلماته نجوم الغناء العربي، لعل أبرزهم على الإطلاق قيصر الغناء العربي ''كاظم الساهر''، و غنت له ''كوكب الشرق أم كلثوم'' قصيدة (أصبح عندي الآن بندقية)، و ''العندليب الأسمر'' غنى له (رسالة من تحت الماء و قارئة الفنجان)، و قدمت له قيثارة الغناء العربي ''نجاة الصغيرة'' أغنيات (متى ستعرف كم أهواك، أسألك الرحيلا، أيظن) و اغنيتين اخرتين، كما غنى له كل من ''فايزة أحمد، فيروز، ماجدة الرومي، أصالة، لطيفة''.