أثينا - (د ب أ):
حتى قبل سنوات قليلة، كان الحصول على وظيفة في القطاع العام حلم كل يوناني.
فالعمل في القطاع العام كان معناه الحصول على راتب ومكافآت كبيرة، إلى جانب الحماية الدستورية للموظف من التسريح وهو ما جعل حوالي 20 في المئة من قوة العمل في اليونان تعمل في هذا القطاع .
ولكن البرلمان اليوناني أقر الأحد الماضي قانونا يسمح بتسريح حوالي 15 ألف عامل من حوالي 800 ألف عامل يعملون في القطاع العام ، وهو الأمر الذي كان يعد من المحظورات طوال عشر سنوات مضت.
وجاء قرار تسريح العمال بنهاية العام المقبل لضمان الحصول على شريحة جديدة من قروض الإنقاذ الدولية بقيمة 8ر8 مليار يورو (5ر11 مليار دولار).
ويقول محللون إن هذا القانون يبعث رسالة واضحة إلى المانحين الدوليين وأسواق المال مفادها أن الحكومة جادة في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية.
وقال جيورجوس تزوجوبولوس الباحث في ''المؤسسة الهيلينية للسياسة الأوروبية والخارجية'' إن فكرة تسريح العاملين في الدولة ظلت على مدى سنوات عديدة من الموضوعات المحظور الاقتراب منها بالنسبة للسياسيين في اليونان.
وأضاف أن قرار البرلمان يوم الأحد الماضي يؤكد أن السياسيين في اليونان عازمون على المضي قدما في تطبيق الإصلاحات الهيكلية لإنعاش الاقتصاد اليوناني.
وقال ''حتى الآن نرى تصاعدا في وتيرة تسريح العاملين في القطاع الخاص وهذا ليس عدلا'' مشيرا إلى أن إلغاء ضمان البقاء في الوظيفة مدى الحياة سيؤدي إلى زيادة الإنتاجية في القطاع العام.
وسينضم أغلب موظفي الدولة الذين سيتم تسريحهم ومعظمهم من موظفي الحكومية إلى صفوف العاطلين الذين يمثلون حوالي 27 في المئة من إجمالي قوة العمل.
ويبلغ معدل البطالة بين الشباب في اليونان 3ر59 في المئة وهو أعلى معدل للبطالة بين مختلف الفئات العمرية.
وخلال السنوات الثلاث الماضية كانت سوق العمل اليونانية تفقد حوالي 1000 وظيفة يوميا على خلفية إجراءات التقشف والركود الاقتصادي المستمر.
يذكر أن اليونان تتصدر دول منطقة اليورو المتعثرة ماليا مثل إسبانيا والبرتغال والتي يطالب المانحون الدوليون بضرورة خفض حجم العمالة في القطاع العام وخفض الإنفاق العام بهدف كبح جماح عجز الميزانية ومعدل الدين العام.
وقد انخفض عدد العاملين في الدولة بإسبانيا بنسبة 7 في المئة منذ 2011 ليصل إلى 9ر2 مليون عامل وفقا للبيانات الرسمية. وفي البرتغال انخفض العدد بنسبة 6ر4 في المئة خلال العام الماضي ليصل إلى 9ر583 ألف عامل. ويطالب صندوق النقد الدولي البرتغال بخفض عدد صغار العاملين في القطاع العام والذين يبلغ حاليا 214 ألف عامل بنسبة 20 في المئة خلال العام الحالي.
ولكن الكثيرين من المواطنين سواء في اليونان أو في إسبانيا والبرتغال ينظرون إلى عمليات تسريح العمالة باعتبارها تفتقد إلى العدالة.
تقول باريس ماركو الموظفة في وزارة الثقافة البرتغالية والحاصلة على درجة الماجستير في الآداب من جامعة السوربون في باريس إنه من الظلم وضع كل موظفي الدولة في سلة واحدة لآن بعض الموظفين لديهم مؤهلات عملية مناسبة لا تتوفر للآخرين.
وأضافت ''لم يتم تعييني لأنني من أنصار حزب سياسي معين وإنما تم تعييني لما امتلكه من مهارات''.
ويرى البعض أن الفساد والمحسوبية هو سبب تضخم القطاع العام في اليونان.
يقول تزوجوبولوس ''رغم أنه من النادر رؤية موظف بالقطاع العام يتم فصله فإن ما نراه بدلا من ذلك هو زيادة عدد أنصار الأحزاب الذين يوظفهم السياسيون في الجهاز الحكومي وهو ما يؤدي إلى تضخم القطاع الحكومي باهظ التكلفة''