كتبت - إشراق أحمد:
طابع المكان لم يبرح تلك الأمتار القليلة المكتظة بالأشياء من الخارج والداخل منذ ما يقرب من 35 عاماً؛ حيث افتتحت بابها، غير مكترثة بما يقال عن اختلاف الزمن والتطور أو ما هو رائج؛ فصاحب تلك الأمتار يحب كل ما هو قديم و''غاوي'' البحث عنه مهما بعدت المسافة.
لم يكن ''فتحي حمامة'' - صاحب محل ''التحف والانتيكات'' بشارع المعز - وريث للمهنة وذلك المحل فقط بل عاشقاً لها؛ فهو لم يفكر يوماً أن يغيرها.
يجلس ''حمامة'' يومياً وسط أو بجوار العديد من الأشياء المرصوصة؛ سواء على الرفوف داخل المحل أو خارجه؛ حيث ترى تمثال لرأس الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وطلعت حرب وصور آخرين كأنور السادات، وصوان وأباريق نحاسية غشَّاها الزمن وضعت جوارها تماثيل فرعونية صغيرة أو افترشت الأرض جوار أحد القناديل أو لافتة إعلانية لأحد الأفلام أو المنتجات.
راديو قديم وضع على طاولة لا تختلف عن وصفه، وعجلات خشبية خاصة بعربات ''الكارو'' القديمة ارتكزت على رصيف المحل، وغيرها من الأشياء التي تبدو موضوعة بعناية وإن كان عددها الكبير الذي يفوق مساحة المجل يجعل مهمة ترتيبها في الظاهر مهمة صعبة لكنها بالنسبة ل'' حمامة'' الرص ده أصله مزاج''.
منذ الصغر و''حمامة'' وجد والده يعمل بالمحل والمهنة ذاتها التي من أجها ترك التعليم منذ الصف السادس الابتدائي، وإن تطورت المهنة قليلاً '' الأول أيام العرايس كنا بنبيع اللي نحاس العرايس الطشت والابريق لكن العملية تطورت بقينا بنبيع الانتيكات''.
جميع تلك الأشياء القديمة يأتي بها حمامة من ''مزاد أو من سريح أو واحد معدي عنده حتتين ومستغني عنهم بيجي يبيعهم'' إلى جانب بحثه عن كل ما هو قديم ويشعر انه مبهر وسيضيف لمحله فهو '' بحب ادعبس على الحاجات دي بتدي منظر للدكان إنه مكان تراث وقديم''.
ولا توجد بين كل تلك الأشياء قطعة مفضلة عند '' حمامة'' فكلها بالنسبة له '' كله حلو وكله كويس بحس إني قاعد في المكان ده بقالي يجي ميت سنة''.
مدى قدم القطعة هو معيار اختيار ''حمامة'' لتكون إحدى معروضاته وكذلك تقدير سعرها إذ قال '' كل ما كانت القطعة قديمة تبقى أغلى، ولما يدخل الزبون اقوله دي بقالها 50 سنة ودي بقالها 100 سنة ودي بقالها 10 سنين حسب الحتة اللي قدامي''.
بالنسبة لـ''حمامة'' ليس بالضرورة معرفة تاريخ وقصة القطعة المعروضة للبيع فعمرها وشكلها قد يكفي لذلك ''لما الواحد يقعد قدام الأفلام القديمة بالتليفزيون هيلاقيلا الحاجات دي كلها''.
أقدم ما في محل ''انتيكات حمامة'' هو إبريق ''سي السيد'' كما يطلق عليه وهو ما كان يستخدم قديماً وعمره 150 عاماً، بينما أحدث ما انضم له صينية عليها نقوش فرعونية.
زبائن ''حمامة'' السائحين وبعض المصريين ''المبسوطين اللي بيحبوا الحاجات دي''، على حد قوله، وليس بالضرورة أن كل ما يدخل المحل يشتري بل هناك من يكتفي بالفرجة أو الدخول إعجاباً بشكل القطع المعروضة وتصويرها، كما انه ليس بالضرورة أن يكون المشترى على علم بقية تلك الأشياء فأحيانا يكون '' منبهر'' بها فقط .
''الزبون كان يدخل يستعجب على الحاجة يختار حتة أو اتنين ويشتريها إنما دلوقتي مفيش البلد حالها واقف، خان الخليلي كله اتأثر والانتيكات اتأثرت، تير الزبون النهاردة لما يجي يشتري حاجة بيبقى تعبان عايزة حتة على القد'' هكذا الحال الآن عند '' حمامة'' الذي لا يرغب في تغيير مهنته'' فكرت أفتح حاجة تانية لكن لقيت أنها مش هتبقى شغلتي''.
الأمر الذي دفعه للتوقف في البحث عن قطع جديدة '' مابقتش أروح أجيب حاجات جديدة لأن هفضل ادفع وطبعا في مصاريف وعيال مش هينفع '' على عكس ما كان عندما يكون '' في حركة شغل وسوق أروح أجيب حتى الجن من آخر الدنيا، كنت بسافر على طريق الصعيد كله عشان أجيب قطعة'' .
قلما ما يتواجد دخيل بين محال الانتيكات بشكل عام لأن كما قال ''حمامة'':'' احنا بنبقى عارفين التجار والأماكن وأغلب الناس وارثين المهنة لكن في الغاوي وفي اللي عايز يدخل المهنة جديد بس طبعا مش هيبقى زينا''.