كتبت - نوريهان سيف الدين:
البداية كانت من ''عمال غزل المحلة''، وامتد الطوفان ليشمل كل أرض مصر، ''كرة الثلج'' بدأت نواتها بكفاح العمال ونيتهم للإضراب احتجاجا على سوء الأوضاع والفساد، وأخذت تكبر شيئا فشيئا، ودخلت الكرة إلى ''فيس بوك والإيميل ورسائل الموبايل''، ثم كبرت أكثر بتضامن بعض الأطراف والحركات السياسية معها، وحانت اللحظة ''خليك قاعد في البيت أو شاركنا في الميادين العامة''.
''6 أبريل 2008''.. كان مقرر من عمال مصانع غزل المحلة للاعتصام والتوقف عن العمل، لم تكن السابقة الأولى لعمال المصانع هناك بالإضراب وتحدي قوانين الطوارئ والرقابة الصارمة عليهم .
''غلاء، فساد، شرطة متجبرة، قضاء فاسد، تعذيب في أقسام الشرطة، ظروف عمل تمتهن الكرامة''.. كلها أسباب دفعت العمال للثورة على الوضع هناك، و يتضامن معهم مجموعة من الشباب لا مكانة سياسية لهم، ولا أمل لديهم سوى تحقيق شيء إيجابي يدفع الناس لصرخة ضد ظلم النظام.
''أحمد ماهر، أسماء محفوظ، إسراء عبدالفتاح، إنجي حمدي، فادي المصري، وليد راشد'' وغيرهم من الشباب، لم يجمعهم سوى رؤية وجوه الظلم والفساد في مصر، وسيناريو توريث قادم لا محالة، وشأنهم شأن غيرهم من الشباب يحلم بمصر أجمل، إلا أنهم قرروا قدر الإمكان تنفيذ هذا على أرض الواقع، وتحويل مصر كلها إلى ''غزل المحلة'' بإطلاق دعوات على ''فيس بوك''، وإرسال عدد كبير من ''الإيميلات'' و''SMS''.
''خليك قاعد في البيت أو شاركنا في الميادين العامة، أوعى تنزل لكن شاركنا، ما تروحشي الشغل، ماتروحشي الجامعة، ماتروحشي المدرسة، ما تفتحشي المحل، عايزين مرتبات تعيشنا، عايزين نشتغل، عايزين تعليم لأولادنا، عايزين مواصلات آدمية، عايزين مستشفيات تعالجنا، عايزين دواء لأطفالنا، عايزين قضاء منصف، عايزين أمن وأمان، عايزين حرية وكرامة، مش عايزين رفع أسعار، مش عايزين محسوبية، مش عايزين ظباط بلطجية، مش عايزين تعذيب في الأقسام، مش عايزين أتاوات، مش عايزين فساد''.. كلها شعارات نادت بها حركة 6 أبريل في إضراب عام 2008 .
''كفاية، حزب الكرامة، حزب الوسط، حزب العمل وحركة موظفي الضرائب العقارية وحركة إداريي وعمال القطاع التعليمي ونقابة المحامين وحركة عمال المطاحن، بالإضافة إلى احتمالية مشاركة الإخوان المسلمين''.. هي الجهات التي أعلنت تضامنها ومشاركتها بالإضراب والتظاهرات لهذا اليوم، إلا أن جماعة الإخوان المسلمين انسحبت خوفا من افنلات غير محسوب قد يسحب الأطراف إلى صدامات مع قوات الأمن.
''هنا المحلة الكبرى، هنا أسقطنا صورة مبارك قبل الثورة بثلاثة أعوام''.. رغم أن مصر شهدت مظاهرات عديدة في السنوات الأخيرة التي سبقت الثورة، إلا أن في ''إضراب عمال غزل المحلة 2008'' سقطت الصورة الكبيرة لرئيس الجمهورية، وقام العمال والمتظاهرون بدهسها بأقدامهم أثناء المظاهرات.
''قانون الطوارئ لا يرحم''.. وهو ما حدث بالفعل؛ حيث حذر النظام المواطنين من التجمهر والتظاهر ومن غياب موظفين الحكومة والدولة، والتهديد بعقاب الغائب دون عذر مسبق ''مقبول''، وأصدرت وزارة الداخلية بيان آخر بعدم التهاون مع مثيري الشغب والتهديد باعتقالهم، ولأول مرة نزلت عربات الأمن المركزي بشكل مكثف في الميادين القريبة لأماكن التظاهر في القاهرة والإسكندرية والمحافظات.
''الإضراب نجح ولا فشل؟''.. ظل هذا السؤال دائراً بين الأطراف المؤيدة له والأطراف المعارضة؛ فالمؤيد يقول أنها المرة الأولى التي تخرج فيها هذه الأعداد متجمعة على هدف واحد، وأن نسب الغياب في الجامعات والمدارس وبعض المصالح الحكومية كان كبير، في حين رأى المعارضون أن الإضراب كان مجرد ''زوبعة في فنجان''.