كتبت - نوريهان سيف الدين:
وجه تائه وسط غابة من السيقان، يفترش الرصيف أمام مدخل إحدى محطة مترو وسط البلد، تكاد لا تميز ملامح وجهها، لكنها تستطيع بخبرة أيام وربما سنوات من الحاجة لـ"لقمة العيش" أن تميز حاجتك لمساعدتها، فلا تتردد أن تدق على صندوقها الخشبي قبيل مرورك أمامها لافتة نظرك إليها وهي تقول مبتسمة "ورنيش يا استاذ.. امسح جزمتك يا بيه".
هي من المرات القليلة التي سترى فيها امرأة تخوض مضمار "مسح الأحذية" ليس من باب المساواة مع الرجل، ولكنه من باب البحث عن لقمة العيش و"الشغل ما يعيبش صاحبه"، رفضت أن تقول اسمها، وقالت أنها تخشى أن يعلم أهلها في البلد أنها جاءت لتعمل في "مسح جزم الرجالة"، لكنها تعي جيدا أنها "لقمة عيش شريفة أحسن ما أمد إيدي للناس أو أكل من الحرام".
يبدوا أنها الكبيرة أو المسيطرة في المكان، بجوارها تجلس عدة فتيات وسيدات يبعن بضائع قليلة بدءً من كروت شحن الهواتف النقالة وحتى المعلبات و العصائر، بالإضافة إلى "جيش من أطفال الشوارع" يحيط بهم وينتشر في أرجاء المكان يبيع نفس تلك البضائع على المارة أمام محطة المترو.
بمجرد استشعارهم لعدسة كاميرا تظهر في المكان، فإن ثمة إشارات تجمع هؤلاء الصبية لمنع التصوير خاصة للفتيات، وعند استيضاح الأمر قالوا "الناس بتنزل صورنا في الجرانين وبيقولوا عننا حرامية وبنبيع برشام لحد ما الحكومة بتيجي تلمنا"، أما رفضهم لتصوير الفتيات فأرجعوه إلى "ساعات ولاد الحرام بيستقصدوا البنات ويفتكرونا بنات سهلة نروح ونيجي معاهم وميعرفوش إننا غلابة بس زي الديابة مع اللي يقرب مننا ويأذينا".