كتبت - نوريهان سيف الدين:
داخل المستعمرة يعيش المرضى والممرضون معاً؛ فالحياة ليست قاصرة على المرضى ومعاناتهم مع مرضهم، وأمانيهم بالشفاء والخروج، والعودة لحياتهم التي كانت قبل إصابتهم؛ فهناك أيضا ''ممرضين'' مشكلتهم الأساسية ليست الخوف من التعامل مع هذا المرض، ولا الرهبة من نظرة المجتمع القديمة لهم بأنهم يداوون ''المجذومين''، بل كل مشكلتهم في الحياة ''أتوبيس''.
''حلم ممرضات المستعمرة''
''نفسنا في أتوبيس يوصلنا لبيوتنا زي الموظفين، ولو حتى ميكروباص، ولا إشمعنى الموظفين والدكاترة الكبار ؟!''.. هكذا تحدثت مجموعة من الممرضات عن معاناتهن في الرجوع إلى منازلهن بعزبة الصفيح، والتي تبعد عن المستعمرة بحوالي كيلو ونصف.
في تكتم شديت بدأت كل واحدة تطلب هذا الطلب، وقلن أن أغلب العاملات بالتمريض في المستعمرة هن أبناء المرضى، وجميعهن من سكان ''عزبة الصفيح''، والتي أنشأها نزلاء المستعمرة القدامى الذين أتموا علاجهم وسكنوا فيها ليكونوا قريبين ويتسنى لهم متابعة باقي علاجهم، وأكملوا حياتهم فيها بالزواج لكنهم حتى الآن يعتمدون على ''التوك توك'' في المجيئ والرجوع للمستعمرة وحتى ''التوك توك'' غير متوافر بشكل كبير.
مدرسة العزبة.. ''كلام ليل مدهون بزبدة''
إحدى الممرضات قالت أيضاً إن مدرسة العزبة كانت ''كلام ليل مدهون بزبدة''، وحتى الآن مشروع المدرسة متوقف، بعد أن فرحوا ببناء مدرسة قريبة بمبادرة من الإعلامي ''محمود سعد''، وبالفعل جمع التبرعات، إلا أن المشروع توقف، واضطر الأهالي إلى إرسال أبنائهم في مراحل التعليم الابتدائي و الإعدادي لمدارس بعيدة؛ إذ أن أقرب مدرسة في ''أبو زعبل'' وتبعد عن العزبة 2 كيلو.
نبرة الخوف سيطرت على كلام الممرضات خاصة بعد خروج ''كبيرة الممرضات'' والمشرفة عليهن ونهرهن بشدة للحديث مع الصحافة قائلة إن العاملين في المستعمرة ''شبعوا من تشويه الإعلام لهم''، و''كل اللي يجي يسمع كلامنا ويقول اللي على مزاجه واحنا نشيل الطين''.
عمل الممرضات في المستعمرة لا يستغرق أكثر من 5 ساعات على أقصى تقدير؛ حيث يبدأ نهاراً بتجهيز العنابر والتغيير للمرضى وإعطائهن الدواء، وجزء آخر يتعامل مع المترددين على العيادة الخارجية؛ فالمستعمرة هي المستشفى الوحيد في المنطقة، وأحياناً لا يتوافر بها الدواء، وإمداد وزارة الصحة يكون ''على الأد''؛ فيضطر العاملون في المستعمرة للاعتماد على ''معونات والتبرعات بالأدوية''.