كتبت - يسرا سلامة:
إن كان مرض ''الجذام'' يفقد مريضه الإحساس بأطرافه أو الجروح في جسده، إلا أنه لا يمنع المريض من أن يدق قلبه، وأن تولد هنا في تلك المستعمرة ''قصة حب'' بين اثنين من مرضاها؛ فذلك ما حدث مع ''رضا'' و''سعاد''.
''رضا''.. مريض الجذام، لم يتعد عمره الثلاثين عاماً، جاء إلى المستعمرة من مركز ''صفط'' بالجيزة، بعد خطوات على العلاج فى عيادته الصغيرة بالعمرانية، وقتها كان عمره عشرين عاماَ، وقت أن بدأ يشعر بأعراض المرض، ولم تتحسن حالته بعلاج العيادة فى قريته؛ حيث حوله طبيبه إلى المستعمرة للعلاج المكثف.
رحلة مع المرض
قضى ''رضا'' سبع سنوات عجاف فى عنبر الرجال، وعلى سرير المرض لا يهون وحدته سوى صديقه الكفيف، يضحكون ويتسامرون هرباً من وطأة المرض وعزلته القاسية، فـ''رضا'' أخ وحيد لخمس بنات، جميهم فى بيت الزوجية عدا واحدة، يسألون عليه بين الحين والآخر.
عمل ''رضا'' بالمستعمرة بقسم الرجال بعد أن تعافى قليلاً من المرض؛ حيث يساعد المرضى ويقدم لهم ما يحتاجونه؛ صدفة جمعته بـ''سعاد'' فى قسم النساء، حتى وقع الشاب الثلاثيني في حبها.
الحب في المستعمرة
بابتسامة صافية يقول ''رضا'': ''كان فيه واحد تعبان فوق وبنساعده، فشوفتها فى قسم الحريم ومامتها معاها، فكلمتها هى ومامتها، وعرفت إنها يتيمة وكلمت أخواتها وأعمامها، والحمد لله متجوزين من ثلاث سنين، وعندنا ''فتحي'' ومنتظرين أخوه أو أخته إن شاء الله''.
يقيم ''رضا'' وأسرته الصغيرة في عزبة الأبيض بجوار المستعمرة، والتى تسع عدد كبير من المرضى بعد انتهاء عملهم، غرفة صغيرة تتكون من غرفة وحمام ومطبخ تأويه هو وزوجته وابنه؛ إذ ساعده ''أولاد الحلال'' في بنائها وتجميع بعض أثاث الغرفة قبل الزواج.
''الحمد لله الأخوات الأجانب اللى هنا ساعدوني بدفع نص تكاليف زواجي، أنا بشتغل هنا بمرتب شهري ضعيف، من غير تثبيت أو عقود، بس الحمد لله أن المعاملة كويسة وبيساعدونا فى حياتنا''.. قالها الشاب الثلاثيني الذي يعمل على ''ترويسيكل'' بالمستعمرة؛ حيث يساعد المرضى في نقل احتياجاتهم.