كتبت - نوريهان سيف الدين:
لم يكن يتوقع العسكري الفنزويلي الشهير ''سيمون بوليفار'' أن سيفه النحاسي سيسرق منه في وضح النهار، بعد أن رسي بتمثاله الحال لأن يضع على وجهه ''كمامة'' تقيه شر الغاز في عمليات كر وفر بين قوات الأمن والمتظاهرين في ميدان يحمل اسمه في القاهرة المحروسة وقت مصادمات في نوفمبر الماضي.
فوجئ المارة والسكان المطلين على ميدان سيمون بوليفار المجاور لميدان التحرير بالقاهرة، بسرقة ''السيف النحاسي'' وخلعه من جسد التمثال الموضوع بمنتصف الميدان، وذكر المارة أن التمثال تعرض منذ اندلاع الثورة و حتى الآن للعديد من التلفيات، خاصة بعد المواجهات ورشقه بالحجارة وتعرضه للاحتراق بقنابل المولوتوف، وأيضاً إصابته بشظايا وخرطوش الأمن.
''بوليفار'' الثائر الفنزويلي الشهير كرمته مصر بإطلاق اسمه على الميدان المطل على ''شارع أمريكا اللاتينية - الوالدة باشا سابقا''، وتحول الميدان من ''ميدان إلهامي باشا - نجل الخديوي عباس حلمي الأول'' إلى ''سيمون بوليفار''، القائد العسكري اللاتيني، وقائد ثورات التحرير في أمريكا الجنوبية والدول اللاتينية ضد الاستعمار الأسباني.
''بوليفار'' الذي وُلد في مدينة ''كاراكاس'' عاصمة '' فنزويلا '' عام 1783، تأثر خلال دراسته العسكرية بالفلسفة التي تركت أثرا عميقا فيما بعد بشخصيته؛ حيث سافر إلى ''فرنسا'' واقتنع بآراء بعض العلماء الذين قالوا له أن المستعمرات الإسبانية مستعدة للتحرر، فراقت له الفكرة وقرر أن ينفذها.
عاد ''بوليفار'' إلى ''فنزويلا'' وتآمر على السلطة الإسبانية الحاكمة آنذاك واستطاع بعدها أن يقصي السلطة الإسبانية عن الحكم ويحرر ''فنزويلا'' ويقيم فيها حكما عسكريا .
في العام 1811 أعلن المجلس الوطني استقلال ''فنزويلا'' فانخرط ''بوليفار'' في الجيش تحت قيادة ''فرانسيسكو ميراندا'' وأصبح عقيداً ثم عميداً، إلا أن '' إسبانيا'' لم تعتبر نفسها مهزومة فقامت بهجوم مضاد على ''فنزويلا'' مما دفع ''ميراندا'' إلى توقيع الهدنة معها عام 1812.
خرج ''بوليفار'' من بلده بعد الهدنة ذاهبا إلى ''غرناطة '' أو كولومبيا حاليا، وأعدّ مجموعة أخرى من الجنود لتحرير ''فنزويلا'' من الاستعمار الإسباني، و بالفعل استطاع تحريرها مرة أخرى ودخل ''كاراكس''، وتم تلقيبه بـ''المحرر''، ولكنه أقام حكم صارم قائم على العنف ضد المعارضة؛ فحدثت حرب أهلية و استغلت ''إسبانيا'' ذلك واستعمرت ''فنزويلا'' للمرة الثالثة، فيما هاجر ''بوليفار'' إلى ''غرناطة'' مرة أخرى.
بمجرد ذهابه إلى ''غرناطة '' التي كانت محتلة أيضا آنذاك من قبل ''إسبانيا''، فقد كوّن جيشا ثوريا صغيرا واستطاع به أن يحرر ''غرناطة''، واستسلمت له الجيوش الإسبانية وتم إعلان دولة جديدة اسمها ''كولومبيا'' وتم إعلانه حاكما عسكريا ديكتاتورا لها.
''بوليفار'' الذي تُوفي عام 1830، اسمه يتردد حتى الآن في أمريكا الجنوبية على أنه ''المحرر'' و''الثوري'' الذي لولاه ما كانت أمريكا الجنوبية قد قامت كما نعرفها الآن.