كتبت - نوريهان سيف الدين:
بعد عامين من الاستفتاء الأول على الدستور، ووضع دستور الثورة الجديد أيضا بين مؤيد و معارض له، لسان حال المواطن المصري ينبئ عن حاله، ''محمود - ماسح أحذية'' بميدان الدقي، يجلس بالقرب من مقهى يتناول رواده الحديث عن السياسة و أحوال البلد، سألناه عن ''الدستور وتعديلاته'' فقال: مش فارقة كتير، في حين علق أحد الجالسين على المقهى ''احنا نسينا أصلا صوتنا على ايه، سنتين الواحد نسي فيهم اسمه من كتر الأخبار اللي بيسمعها''.
ثورة شعبية عظيمة، 18 يوماً بلغت فيها القلوب الحناجر، بين أمل في التغيير وخلع نظام انتشر خلاله الفساد، وبين متخوف على البلد والشعب.. ''قرر الرئيس مبارك التخلي على منصبه و تكليف المجلس العسكري بإدارة شئون البلاد''، فرحة كبيرة، النزول للاحتفال وتنظيف الميدان، تحية ''اللواء الفنجري'' للشهداء، الإعلان عن إجراء استفتاء لتعديل الدستور و تحديد 19 مارس 2011 موعدا للاستفتاء، وتبقى فرحة الثورة مستمرة في قلوب المصريين.
''قول نعم عشان الاستقرار''، ''قول لأ عشان نغير البلد''، ''قول نعم عشان المادة الثانية''، ''قول لأ والديمقراطية هي اللي هتحكم''، ''قول نعم .. قول لأ''.. حملات كثيرة ودوافع أكثر لتوجيه الشعب وإقناعهم بوجوب قبول التعديل على الدستور بحجة استقرار الأوضاع، وأن المجلس العسكري حدد وقتا لرحيله بإجراء انتخابات رئاسية.
على الجانب الآخر، ''المصوتين بـ''لا'' كانت لديهم دوافعهم، وكيف أن يحكم الثورة دستورا منتهك وفاقد للشرعية، ويجب على الثوريين وضع دستورا و ميثاقا جديدا يكفل للثورة شرعيتها ونزاهتها وتحقيق أهدافها، ومن هنا بدأت حملات التوجيه والدعاية للتصويت.
يوم (19 مارس 2011) شهد فرحة مصرية كبيرة بتوجه الشعب لصناديق الاستفتاء، وبعد يوم كان الإعلان عن نتائج التصويت، 18 مليون ناخب من أصل 41 مليون ناخب مصري مسجلين في السجلات و يحق لهم التصويت، نسبة الأصوات الباطلة ضئيلة للغاية (0.92%)، وكانت النتيجة الحاسمة (77.2%) قالوا ''نعم للتعديلات''.
التعليق الأشهر جاء على لسان الداعية الإسلامي ''محمد حسين يعقوب'': ''الصناديق قالت إيه ؟ الصناديق قالت نعم''، وهي ما عرفت جماهيريا و إعلاميا بـ''غزوة الصناديق''.
توجيه الناخبين على أساس ديني لم يقف عند مرحلة الاستفتاء على تعديل الدستور، بل كان رفيق كل مرحلة يضع فيها المصريين رأيهم؛ فعند اختيار رئيس الجمهورية، وخوف الليبراليين من رئيس ذو خلفية إسلامية، وخوف الإسلاميين من رئيس عسكري ذو توجه ليبرالي، أيضا في التصويت على الدستور الجديد، والتخوف من فرض التدين بالقهر أو تغلغل نفوذ المؤسسات الدينية، كلها غزوات صناديق ''كلاكيت تاني مرة''.