كتبت - نوريهان سيف الدين:
لعل ما ميزه في شبابه وبداية نضجه الفني هو ''موضة الأكمام القصيرة''، والتي صاحبه فيها ابن جيله وزميله ''أحمد رمزي''، وتحولت لتيمة بين شباب الخمسينات للتشبه بأبطال السينما، كان أحد ''جانات'' الشاشة الفضية، عشق الالتزام كما عشق التمثيل، وكرس أواخر حياته لقراءة القرآن و دراسته حتى لقبوه بـ''عاشق القرآن''.
هو ''محمد شكري سرحان الحسيني'' والذي اشتهر سينمائيا بـ''شكري سرحان''، مولود في 12 مارس 1925 بمحافظة الشرقية، درس هناك بالمعاهد الأزهرية، و جاء في شبابه للالتحاق بالمعهد العالي للتمثيل، و تخرج فيه عام 1947، و جاء عام 1947 ليشهد انطلاقة ''شكري'' وتقديمه لخمسة أفلام دفعة واحدة، بدأها بـ''نادية'' مع رائدة السينما ''عزيزة أمير، و ''أوعى المحفظة'' أمام تحية كاريوكا، وقدم مع ''نعيمة عاكف'' فيلمين هما ''جنة و نار و لهاليبو – إخراج حسين فوزي''، و رشحه العملاق ''يوسف بيك وهبي'' ليقف أمامه في فيلم ''كرسي الإعتراف'' مع فاتن حمامة و أمينة رزق.
الجدية و الصرامة والالتزام كانت سمات ''شكري'' خلال رحلته مع السينما، وتحول لأهم أبطال السينما خلال الخمسينات مع جيل الوسط ''عماد حمدي و حسين صدقي و أنور وجدي''، و أيضا الشباب ''أحمد رمزي و كمال الشناوي و أحمد مظهر''، وهو ما دفع العالمي ''يوسف شاهين'' لاختياره عام 1951 لبطولة فيلمه ''ابن النيل'' أمام فاتن حمامة، وكان الفيلم وقتها أحد أفلام المهرجانات العالمية.
محطات هامة في حياة ''سرحان''، أبرزها ''رد قلبي - فيلم الثورة الأشهر'' عام 1957، والذي ضم نخبة من عناصر النجاح؛ فالقصة للأديب يوسف السباعي، و الإخراج لـ عز الدين ذوالفقار، و الإنتاج لـ آسيا داغر، وأمام كوكبة من نجوم السينما ''مريم فخر الدين و حسين رياض و هند رستم، و رواية فترة هامة قبيل قيام الثورة من خلال قصة غرام ''إنجي و علي''.
''أحسن ممثل''.. لقب حصل عليه ''سرحان'' لثماني مرات خلال مشواره الفني عن أفلام ''شباب امرأة، إحنا التلامذة، اللص و الكلاب، الزوجة الثانية، النداهة، ليلة القبض على فاطمة، و غيرهم''. و كرمه الراحل ''جمال عبد الناصر'' بمنحه وسام الدولة، و اختاره مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 1995 كأفضل ممثل في تاريخ السينما المصرية في ''مئوية السينما'' باعتباره صاحب أعلى رصيد من الأعمال في قائمة ''أفضل 100 فيلم'' بعدد 15 فيلم، سواء بطولة فردية أو جماعية.
150 فيلماً قدمها خلال حياته، ولا تنسى ذاكرة السينما عودته للأضواء في ''ليلة القبض على فاطمة 1984'' أمام فاتن حمامة، وأمام صديقه كمال الشناوي في ''الجبلاوي 1991'' وكان أخر أفلامه، اعتزل بعدها التمثيل، وعكف على قراءة القرآن الكريم، وكان دائما رفيقه منذ صغره بحكم دراسته الأزهرية، ويرحل ''الفتى الأول.. جان السينما المصرية شكري سرحان'' في مثل هذا اليوم 19 مارس 1997.