كتبت - يسرا سلامة:
وسط زحام الحياة تحت الأرض بمترو الأنفاق، أمسكت ''أميرة'' بألوانها الصغيرة، لتمر بها على صورة ''أميرة'' أخرى ترسمها فى ورقتها البسيطة، غير عابئة بالزحام من حولها، ترى فى أميرتها الصغيرة نفسها وحلمها الكبير.
''أميرة''.. فتاة مصرية سمراء لم تتعد الثالثة عشر من عمرها بعد، لا تزال فى المرحلة الابتدائية بمدرسة طلعة حرب، صعوبة الحياة أمام والدتها بعد وفاة والدها لم تجعلها ترضخ للحياة وأعبائها؛ فقررت أن تنضم إلى ''طابور'' الأطفال العاملين ببيع بعض المناديل داخل أنفاق المترو.
يمر الناس من حول ''أميرة'' ليلحقوها بنظرة شفقة، وربما تزيد إلى إلقاء لها بعض الجنيهات من أمامها حتى دون سحب ''كيس مناديل'' من أمامها، تتراص أمامها كتب العلوم للمذاكرة، بجانب صور التلوين التى تروح عنها بعض ملل المذاكرة والعمل تحت الأرض.
''أنا عندى 7 أخوات، بس متجوزين وعلى قد حالهم''.. هكذا تحدثت ''أميرة'' بخجل عن أسرتها، لا تقوى على قول المزيد من الكلام لوصف حالها؛ فوالدتها لا تعمل لعدم قدرتها على طاقة العمل، وأخواتها يعيشون معاً وسط ''غلاء العيشة'' الذي لا تقدر ''أميرة'' وأسرتها على مواكبته، لا يضايق ''أميرة'' سوى رجال الأمن بمترو الأنفاق اللذين يلقوا بها كثيرا خارجه.
''جوه المترو بعيد عن البرد وكمان فى نور، علشان الشارع بره ضلمة''.. تقول ''أميرة'' أن هذا ما يدفعها للرجوع إلى داخل المترو مرة أخرى؛ حيث تعتبر محطة ''البحوث'' مكان عملها ووسيلة مواصلاتها؛ فبعد انتهاء يومها الدراسي بمدرستها بحي المنيب، تجري مسرعة للحاق بعملها داخل مترو الأنفاق حتى انتهاء مواعيد العمل الرسمية ثم تعود إلى منزلها البسيط بحصيلة اليوم التي لا تتعدي بضع جنيهات.