كتبت - دعاء الفولي:
شاب عشريني جلس على أحد أرصفة شارع ''عيون الحرية''، خلفه بعض الرسومات على جدرانه، متأملاً صورة مرسومة بـ''الجرافيتي'' أمامه على الناحية الأخرى من الشارع للمشير السابق ''محمد حسين طنطاوي''، مخاطبا إياها كأنها كائن حي ينبض بالروح.
''تقريبا.. إنت الوحيد اللي كنت عارف إن الجريمة كانت متدبرة بطريقة تقضي علينا كلنا، أو على الأقل اللي هيعيش مننا، هيعيش عاجز، لكن للأسف؛ أحلامك كلها طلعت فشنك''.. كلمات وجهها الشاب لصورة ''طنطاوي''، راوياً له حكاية شباب أولتراس أهلاوي من البداية.
روى الشاب لـ''طنطاوي'' كيف أن أولتراس أهلاوي كانوا في الصفوف الأولى لثورة 25 يناير؛ كيف أن مدرجات ''الدرجة الثالثة'' كانت تشتعل هتافات تنادي بسقوط العسكر والداخلية، وكيف أن هذا كله أدى إلى حالة صدام مع السلطة سواء في أحداث ''محمد محمود'' أو ''مجلس الوزراء'' وحتى ''مذبحة بورسعيد''، خاتما حكايته بأن ''المشكلة إنكوا مش قادرين تفهموا إن الحكاية مش مجرد كيان احنا جواه.. الأولتراس فكرة عايشة جوانا''.
هذه المشاهد التي تبدو حقيقية ما هي إلا مشاهد تمثيلية داخل فيلم ''مش مجرم'' الذي صنعه مجموعة من الشباب لتعريف الناس أكثر بـ''الأولتراس'' وتوصيل بعض المعلومات الصحيحة عنهم خاصة مع وجود بعض الأفكار المنتشرة أن شباب الأولتراس ما هم إلا ''بلطجية''.
فيلم ''مش مجرم'' يحكي قصة تتكرر مع الكثير من الشباب؛ حين يقرر أحدهم الانضمام للأولتراس فيصبح الشاب مهاجماً من قبل أسرته والمجتمع والإعلام، كما تعرض الفيلم لبعض المصطلحات التي يستخدمها شباب ''الأولتراس'' في أغانيهم وحديثهم مثل ''الغربان''؛ وهي الكلمة التي ترمز للشرطة المصرية.
يقول ''خالد منصور'' - كاتب سيناريو وحوار الفيلم - إن فكرة الفيلم مستوحاه في الأساس من قصة حقيقية لأحد الأفراد المنتمين لأولتراس أهلاوي، ويضيف:'' عشت فترة طويلة وسط أصحاب ليا من الأولتراس وأعرف عنهم تفاصيل حياتية كتير، ففكرت إني أعمل حاجة عنهم عشان الناس تعرف أكتر الجانب الإنساني ليهم''.
ظهرت الفكرة لدى ''منصور'' عندما قرر كتابة رواية عن ''الأولتراس'' ولكن الفكرة تطورت مع الوقت لتصبح في النهاية عبارة عن فيلم قصير لا تصل مدته إلى الأربعة عشر دقيقة.
''حسيت إن الفكرة لو اتعملت فيلم روائي قصير هتبقي متشافة أكتر عند الناس''.. قالها ''منصور''، موضحاً أن الجانب الإنساني للأولتراس هو أكثر شيء حاول فريق العمل إبرازه؛ مما دفعهم لتقديم الفيلم في مسابقة ''ساقية الصاوي'' للأفلام القصيرة لتوصيل الفكرة لأكبر عدد من الناس.
''منصور'' ليس عضواً في الأولتراس، لكن اهتمامه بالفيلم جعله يحاول الاستعانه بأحد أصدقائه من داخل ''الأولتراس'' ليمثل دور البطل إلا أنه ''بعد ما قلت لصاحبي اللي من أولتراس أهلاوي قاللي هيتشاور مع الأولتراس وبعدين بلغني إنه مش هينفع يمثل في الفيلم عشان هما مبيحبوش الظهور في الإعلام''، مما دفع ''منصور'' إلى عرض الفكرة على ''أحمد السيسي'' الذي قام بتمثيل دور البطل وإخراج الفيلم.
يؤكد ''السيسي'' أن التجربة كانت مختلفة بالنسبة له رغم أنها لم تكن المرة الأولى له في التمثيل؛ لكن ''احنا كلنا انبسطنا بالتجربة عشان كنا كلنا شباب وحاولنا نعمل حاجة مختلفة''.
ردود أفعال شباب الأولتراس على الفيلم جاءت جيدة حتى الآن، كما يقول ''السيسي''؛ فمعظم الذين شاهدوا الفيلم أكدوا أنه العمل الإعلامي الأقرب لتفكير الأولتراس وعقيدتهم، إلا أن بعض الردود اعترض أصحابها على وجود فيلم عن أولتراس أهلاوي حتى ولو في صالحهم لأن الأولتراس ''ضد الإعلام''.