القاهرة- الأناضول:
في عام 2007 شهدت قرية بمركز العياط في محافظة الجيزة (غرب القاهرة) أحداثًا طائفية أسفرت عن حرق نحو 20 منزلاً ومتجرًا وإصابة أشخاص من الطرفين، بسبب اعتزام مسيحيين بالقرية تحويل أحد المنازل إلى كنيسة.
لم يمر الحادث مرور الكرام على عازف الكمان المصري محمد علي، الذي اجتمع مع صديقه ''إيهاب عبده'' وأعدا أغنية بعنوان ''أنا مصري'' كانت بمثابة رسالة تسامح بين الأديان.
''مسلم، مسيحي، أنا مصري.. فلاح، صعيدي، أنا مصري.. نوبي أو سيوي أنا مصري.. سيناوي، عرايشي، أنا مصري''.. هكذا كانت بداية كلمات الأغنية التي أكدت على المساواة بين المصريين، مهما كانت ديانتهم أو المنطقة التي تنتمي إليها أصولهم.
كان من الممكن أن تنتهي رسالة محمد وصديقه عند حدود الأغنية، غير أنهم قرروا أن يمتد عمرها وتأثيرها، فكانت الفرقة الغنائية التي استمرت من عام 2007 وحتى الآن وحملت اسم نفس الأغنية.
ميريان إسكندر، والتي التحقت بالفرقة عام 2009، تلخص رسالتها بقولها لمراسل الأناضول: ''هدفنا نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر من خلال الموسيقى''.
وتغني ميريان في الفرقة الترانيم القبطية، بينما يقوم زميلها محمود بغناء التواشيح الصوفية الإسلامية، ويتم المزج بين الاثنين في مقطوعة واحدة، لتكون رسالة موسيقية هدفها نشر التسامح مع الآخر أيا كانت ديانته.
وكما استوعبت موسيقى ''أنا مصري'' الترانيم والتواشيح، كان لتجربة إدخال الموسيقى الغربية إلى جانب الشرقية نصيب من اهتمام الفرقة، في رسالة تؤكد أيضا على هدف الفرقة وهو ''قبول الآخر''.
رانيا العدوي، المتخصصة في الغناء ''الأوبرالي'' داخل الفرقة، تحكي عن هذه التجربة الفريدة من نوعها بين الفرق الموسيقية، بقولها: ''نحن أول فرقة تضع الغناء (الأوبرالي) في سياق شرقي''.
وفي إطار هذه ''الخلطة الموسيقية'' من الترانيم المسيحية والتواشيح الصوفية والغناء ''الأوبرالي''، تؤكد رانيا على رسالة التسامح التي تهدف لنشرها الفرقة، غير أنها تشير، أيضا، إلى أنهم بعد ثورة 25 يناير2011، تخطو بأعمالهم هذه الرسالة إلى رسائل أخرى فرضتها الظروف الراهنة.
وتتابع رانيا قائلة إن ''هناك الكثير من المشكلات في المجتمع يعاني منها المصريون جميعا بأقباطهم (مسيحييهم) ومسلميهم، وهو ما عبرنا عنه من خلال أعمال الفرقة''.
وتضيف: ''نحن نعبّر عن مشكلات الناس بلغتهم حتى يستطيعوا فهمها بلا عائق''.
وتلفت رانيا إلى بعض من هذه الأعمال، ومنها ما يتناول ظواهر ''المعاكسات'' (التحرش)، وادعاء الناس المعرفة بكل شيء، إلى جانب ظاهرة ''حوادث القطارات''.
وعانت الشوارع المصرية من ظاهرة ما عرف إعلاميًّا بـ''التحرش الجماعي'' بالنساء والفتيات التي تزايدت حالاتها خلال الفترة الأخيرة مع اضطراب الحالة الأمنية، فيما شهدت سكك حديد مصر خلال الأعوام العشرين الماضية حوالي 40 حادثا أدت لمقتل أكثر من 800 شخص وإصابة الآلاف.