كتبت - يسرا سلامة:
اتخذن من الأرض فراشاً لهن، من مركز أشمون بمحافظة المنوفية جئنًّ إلى قلب المدينة المزدحمة، يحملن يومياً أواني الجبن القديم والقريش و''الفطير المشلتت'' والثوم والأعشاب، وغيرها من خيرات ريف مصر إلى المارة والزبائن بسوق ''أسامة أباظة'' .
''أم سمر'' و''أم أميرة'' و''أم محمد''.. منذ أكثر من ستة عشر عاماً، يقطعن الثلاثة سوياً الطريق ذاته من المنوفية إلى القاهرة؛ بحثاً عن الرزق، ''أم سمر'' أرهقها غلاء الأسعار المتزايد في المواصلات و''الأنبوبة'' والطعام؛ تشكو من الغلاء كما تشكو الرئيس ''محمد مرسى''، ولا تمل من التذمر بسبب ''وقف الحال''.
''أم محمد'' لا ترى الأمور بهذا السوء؛ فهي مليئة ببعض التفاؤل تعطيه لزبائنها وأقرانها بجانبها على الرصيف الواحد، تقول بابتسامه يشع منها التفاؤل: ''أصل اللي راح من العمر مش قد اللي جاى ، هنعمل ايه؟!، السوق هنا خلاص مش زى زمان، دلوقتي اتزحم جدا كان زمان رايق ''.
ولا تزال ''أم أميرة'' المتوسطة بين الأخريات تحتفظ بلكنتها الريفية، تظهر في مناداتها للباعة من حولها، تتجمع أمامها أكوام الثوم البلدي، وبجانبه دوائر الفطير المشلتت بالسمن، ومن النادر أن يخرج الزبون بشيء واحد دون أن تعرض عليه شراء المزيد من جبنتها ''الصابحة''، وبيض الحمام الطازج.
البلدة الواحدة والمهنة الواحدة بل والظروف القاسية الواحدة جمعتهن في قلب السوق المزدحم والمليء بالضجيج، وهنا في هذا السوق وجدن جلستهن، يعرفن كل تفاصيله وناسه؛ ''ستر البنات وزواج الرجال من أبنائهن'' هي أقصى أمانيهم و أحلامهم.