أتت الجولة الخامسة من الطواف العربي للإبحار الشراعي لبنك إي.أف.جي كجولة حاسمة بعد فوز فريق أيه.آي.أس.أم بالجولة الرابعة على التوالي بقيادة الربان برتراند باسيه، وبعد حصول فريق بي.أيه.إي للأنظمة على المركز الخامسة في هذه الجولة، وهو الذي يعتبر أقرب منافسي المتصدر، أنفرد المتصدر فريق أيه.آي.اس.ام بالصدارة بفارق ٥.٧٥ مما يصعب المهمة أمام منافسيه.
وانتظرت جميع الفرق هذه الجولة والتي تنطلق من رأس الخيمة باتجاه خليج زيغي بسلطنة عمان والتي تعبر مضيق هرمز على متن قواربها وهو أحد أشهر الممرات في العالم، وأتت هذه الجولة بعد أيام قضتها الفرق في الإبحار بمحاذاة شواطئ منخفضة ورمال صحراوية، لتقدم لهم مناظر مختلفة تماما من الجبال السمر الشاهقة لمسندم التي تعانق زرقة البحر شموخها.
وبهذه المناسبة قال عيسى الإسماعيلي، مدير عام الفعاليات بعمان للإبحار: "أود أن أهنئ فريق "أي،أس،إي،أم"، الذين وتحقيقهم الفوز الرابع على التوالي أحكموا سيطرتهم على البطولة خاصة مع بقاء جولتين فقط، فالوصول إلى خليج زيغي من أهم اللحظات في هذه المسابقة فهي أكثر الجولات منافسةً وتتمتع بمطاهر طبيعية خلابة تعتبر الأجمل على صعيد الرياضة الشراعية بالعالم."
وأضاف: "هذا اليوم مهم لأنه الجولة الخامسة، ولأنه اكد أيضا على أهمية بطولة الطواف العربي للإبحار الشراعي لبنك إي.أف.جيوالتي أصبحت تعتبر منصة مهمة لإظهار جمال وروعة الخليج العربي، والتسويق لسباق بمواصفات ومقاييس عالمية، والإعلان عن ممر جديد في الشرق الأوسط للسباقات الشراعية."
وقد أثبت فريق برتراند باسيه مرة أخرى كفاءته وتصدره لبقية فترات السباق، ولكنهم أوشكوا في مرحلة من مراحل السباق على فقدان هذه الصدارة بسبب التمركز غير الجيد الذي تتغير فيه سرعات الرياح واتجاهاتها أوقات الغروب والإشراق، وحول هذا الأمر قال ملاح الفريق هارفي جوتيير: "تكمن الصعوبة في كونك المتصدر أول من يقع في الحفرة التي يتجنبها من هم خلفك بعد ذلك" وأضاف: "إن برتراند جيد في تحديد الزوايا وملاحظة الفرق الأخرى، ونحن نتبادل الأدوار للاستراحة لنبقى متيقظين دائما".
لقد عبر الفريق مضيق هرمز في الظلام، وعند بزوغ الفجر وهم بمحاذاة الجزء الشرقي من شبه جزيرة مسندم اختفت الرياح، مما جعل الفرق الأخرى تقترب من الفريق بعد أن كان الفارق ما يقارب ١٠ أميال، ولعب هذا لأمر دورا كبيرا في إعادة ترتيب مراكز الفرق، مما أدى إلى وانطلاقة المنافسة من جديد، وحول ذلك يقول الملاح الفرنسي أيضا: "عندما لحق بنا الآخرون، كانت خطتنا هي الإبحار بالقرب من الشاطئ بحثا عن الرياح، ولكننا خفنا للحظة أن لا يكون هذا هو القرار الصحيح، ولكنه كان موفقا واخذتنا الرياح لوجهتنا أولا، وكانت بداية جديدة، وبما أنك في المقدمة فإنك أول من يستفيد من الرياح أيضا، ولكن ظل خطر الوقوع في بقعة معدومة الرياح قائما ولكن ولحسن الحظ لم يحدث".
وقد أسهمت البداية الجديدة هذه في تحديد نتائج الجولة، فقد كان فريقا الثريا بنك مسقط بقيادة دي كافاري وفريق الطلبة الهولندي أول الفرق بعد فريق أيه.آي.اس.ام التي تخرج من البقعة المعدومة الرياح والتوجه بالقرب من الشاطئ، وأما فريق سيدني جافنييه على متن قارب بنك إي.أف.جي موناكو فقد تمكن تخليص نفسه هذه المنطقة عن طريق الإبحار البعيد عن الشاطئ.
وإلى جانب فريق أيه.آي.اس.ام كان نجم هذه الجولة هو فريق ديلفت تشالينج، إذ كان فريق الثريا بنك مسقط يتصدر الثلاثة فرق عند لسان اليابسة بمسار السباق، ولكن ما لبث أن تغير هذا الوضع سريعا بعد أن تقدمالهولنديون للمركز الثاني، وفي هذا السياق قال ربان الفريق كاي هيمسكيرك: "لقد سبقناهم في فرد شراعنا الأمامي"، وأضاف: "إنها طريق طويلة لغاية هنا، ولقد كانت مرهقة لنا، فأنا منهك الآن، سآخذ لي بعض الطعام، وأستحم، وأنام".
لقد كان طلاب جامعة ديلفت في الأصل متسابقين في الطواف الفرنسي ألا فويل، ولكن وفقا لهيمسكيرك تعد هذه المرة الأولى لهم أن يفوزا بمركز على منصة التتويج في جولة إبحار لمسافات طويلة (إبحار محيطي)، وجميع أعضاء الفريق من الجامعة الهولندية باستثناء هيمسكيرك الذي يدرس التسويق الرياضي بأمستردام.
وقد بلغت الأعصاب أشدها عندما علق القارب في شباك صيد على بعد ٢٠٠م فقط من خط النهاية، وهذا الأمر حدث أيضا لفريق بنك إي.أف.جي موناكو مما دفع بالربان سيدني للغوص لتخليص قاربه من هذه الشباك.
وقد شهد فريق بنك إي.أف.جي موناكو واحدا من أكثر السباقات تقلبا وعلق نيل ماكدونالد قائلاً: "يبدو أن هناك الكثير من العراقيل والفخوخ ويبدو أننا وقعنا في معظمها"، وأضاف ماكدونالد: "يجب أن يكون لديك خطة، وللأسف خطتنا لم تجر بالشكل المطلوب"، ولكنهم لم يستسلموا بل حاربوا من جديد مما مكنهم من العودة واحتلال المركز الثالث.
ولم تكن بعض الفرق محظوظة في هذه الجولة، فقد وقع فريق بي.أيه.إي للأنظمة الذي يحتل المركز الثاني في الترتيب العام، في فخ الرياح الخفيفة الذي وضعهم في المركز السادس على بعد ٨ أميال من المتصدر.
وقد عبر عضو فريق بنك إي.اف.جي موناكو العماني ناصر الرحبي عن سعادته بالعودة لبلده: "أنا سعيد بالعودة فلقد كانت رحلة طويلة، ولقد استقبلتنا رياح قوية في البداية، ومن ثم اختلف الرياح في الليل وتغيرت، وفريقنا سعيدون بما تحقق اليوم".
لقد احتفظ فريق الثريا بنك مسقط النسائي الذي تقوده الربانة البريطانية دي كافاري بمركز من مراكز منصة التتويج قبل أن يفقده في الأميال الأخيرة، وحول ذلك قالت كافاري: "لقد كانت المنافسة على أشدها، وكانت جولة صعبة بمطباتها العديدة والتي تسببت في إرباك ترتيب الفرق ومن ثم ساهمت في إعادة انطلاقتها من جديد".
وحول محالفة الحظ لفريقها في الخروج من المطب الثاني قالت: "لقد تقدمنا من الأخير للمركز الثاني مما يعدا أمرا رائعا، على الرغم من أنني لا أعلم كيف حدث هذا الأمر بالتحديد، لقد توجهنا نحن والفريق الهولندي للإبحار بمحاذاة الشاطئ بينما بقيت الفرق الأخرى وراءنا، ولا أدري من أين ظهر سيدني جافنييه على متن فريقه بنك إي.أف.جي موناكو وهو يتقدمبشكل سريع بينما كنا في حيرة من أمرنا ونتساءل كيف قام بهذا؟"
وقد استمتعت البحارة العمانية انتصار التوبي بهذه المنافسة قائلة: "لقد كانت الرياح خفيفة تارة، وقوية تارة أخرى، ومتقلبة في بعض الأحيان، ويصعب عليك في الصباح التعرف على مناطق الضغط، وتغير مسار قارب ومن ثم تعلق في إحدى هذه المطبات، نحن سعيدون بالمركز الثاني، لقد بذلنا قصارى جهدنا في المحافظة على المركز ولكن نظرا لتقلبات الرياح لا تستطيع التكهن بما ستواجه، قدمنا أفضل ما لدينا ونحن راضون عن مستوانا، ونتطلع للجولتين القادمتين ونتمنى تحقيق نتائج جيدة فيها".
هذا وتتنافس في الطواف العربي للإبحار الشراعي لبنك إي.أف.جي تسع فرق تمثل دول مختلفة مثل سلطنة عمان ويمثلها فريق النهضة، والبحرية السلطانية العمانية، وبي.أيه.إي للأنظمة والفريق النسائي الثريا بنك مسقط، ودولة الإمارات ويمثلها فريقي أبوظبي، وأيه.آي.اس.ام، وفرق دولية مثل فريق بنك إي.أف.جي. موناكو، وديلفت تشالنج من هولندا، وفريق ميسي فرانكفورت الذي يمثل الاتحاد الأوروبي.
وبمروره بأربع دول يسهم الطواف العربي للإبحار الشراعي لبنك إي.أف.جي في الترويج لمقومات المنطقة من مرفقات حديثة وأجواء مثالية للإبحار، وكانت القوارب قد غادرت البحرين في العاشر من هذا الشهر، ومرت بعدها على الدوحة ومن ثم أبوظبي وبعدها دبي، وتغاد الآن رأس الخيمة متوجهة لدبا، ومنها للمصنعة قبل الختام في مسقط في الخامس والعشرين من الشهر.