كتبت - نوريهان سيف الدين:
عاش محاربا ساخراً، ومات مهموماً خائفاً على المصريين؛ في ذكرى وفاته الأولى ورغم الغياب، إلا أن كلماته حاضرة دائما في الموقف، كان دائما يقول: '' لكننى صعلوك عابر سبيل، ابن الحارة المصرية، ليس لى صاحب، لذلك كما ظهرت فجأة سوف اختفي فجأة، فحاول تفتكرنى (جلال عامر)'' .
ولد ''أمير الساخرين جلال عامر'' مع سنة ''ثورة يوليو'' في 25 سبتمبر بمنطقة ''بحري'' بحي الجمرك بالإسكندرية، ودرس القانون والفلسفة والتحق بالجيش ليخوض عدة حروب منها ''انتصار أكتوبر''، وعاش بعدها ليرى ويصف أعوام ''ظهر فيها الدش والمحمول والإنترنت واختفى الوطن''.
بدأ ''عم جلال'' عمله الصحفي مشرفاً على صفحة ''مراسيل ومكاتيب للقراء'' بجريدة ''القاهرة'' الصادرة عن وزارة الثقافة، ثم أصبح له مقالات تنشر بعدة صحف مصرية، وكان عموده اليومي المتميز ''تخاريف'' المنشور بجريدة ''المصري اليوم'' نافذة يطل عليها بنقده السياسي والمجتمعي الساخر على المواطن العربي من المحيط للخليج، وكان يصف نفسه ويقول: ''أنا مجرد كاتب يرفض أن يتحول لـ''قهوجي'' عند القراء أو ''سفرجي'' عند الحكومة''.
كتب ''جلال عامر'' القصة القصيرة والشعر، وامتاز أسلوبه ''بالتورية'' والسخرية التي تشد انتباه القارئ لنهاية المقال أو الموقف؛ من أهم أعماله ''استقالة رئيس عربي، قصر الكلام''، ويعد كتابه ''مصر على كف عفريت'' الصادر عام 2009 أهم وأشهر كتاباته .
ويقول ''عامر'' في افتتاحية كتابة الشهير:'' الكتاب محاولة لبحث حالة وطن كان يملك غطاء ذهب فأصبح من دون غطاء بلاعة.. لماذا وكيف؟ فقد بدأت مصر بحفظ الموتى، وانتهت بحفظ الأناشيد، لأن كل مسؤول يتولى منصبه يقسم بأنّه سوف يسهر على راحة الشعب، من دون أن يحدد أين سيسهر وللساعة كام؟.. في مصر لا يمشي الحاكم بأمر الدستور، بل بأمر الدكتور، ولم يعد أحد في مصر يستحق أن نحمله على أكتافنا إلا أنبوبة البوتاجاز، فهل مصر في يد أمينة أم في إصبع أميركا أم على كف عفريت؟''.
توقف قلبه ''العامر'' في مثل هذا اليوم 12 فبراير 2012 في مظاهرة بالإسكندرية مناهضة لحكم العسكر، بعد اعتداء من البلطجية على المتظاهرين، وتوفي وهو يردد ''المصريين بيموتوا بعض''.