.لورا نيومان، 47 عاما
الولايات المتحدة الأمريكيةعندما كانت في الثامنة عشرة، تعرضت لورا نيومان التي تقيم في أنابولس بولاية ميريلاند للاغتصاب. ويقضي المعتدي عقوبة السجن مدى الحياة، بسبب الاعتداء عليها واغتصاب العديد من النساء الأخريات. لورا تروي ما حدث لها قائلة:
''كنت وقتها طالبة في إحدى الجامعات الأهلية، وأعمل نادلة لأكسب عيشي. وكان زميلي في السكن يعمل معي في نفس المطعم. وذات ليلة عند عودتي من عملي، كان زميلي في السكن خارجاً مع صديقته. وكنت نائمة وحدي، وبين الساعة الثانية عشرة والواحدة صباحا، سمعت صوتا في الشقة. تصورت أن هذا صوت زميلي بالسكن عند عودته، ولكني تفاجأت بوسادة تغطي وجهي، ومسدس مصوب إلى رأسي. هكذا تم اغتصابي.
أيام سوداء تلت هذه الواقعة، ذكرياتها كانت شديدة الوضوح بالنسبة لي، لم يصدق والداي واقعة اغتصابي، وكذلك الشرطة أيضا. كانوا يعتقدون أني لم أغتصب فعليا، وأني أقول هذا كي أعلن عن حملي ولكن بصورة مثيرة. ولهذا لم يتم التحقيق في القضية.
وتسبب هذا في كمية هائلة من الضغوط علي لأني كنت أواجه هذا وحدي وأنا غير مستعدة له. وبسبب هذا أجبرت على العودة لمنزل والديّ. ويمكن تصور كم الحياة صعبة ومرهقة إذ لم يكونا يصدقان أنني اغتصبت. ولكنهما يعتقدان أن شيئا ما حدث، ولكن لاعلاقة له بالاغتصاب.
لم أستطع قبل الوصول إلى الحادية والعشرين من العمر أن أخرج إلى العالم من جديد، وأواصل الحياة لسنوات كثيرة جدا. كانت هناك أوقات يصعب عليّ فيها حتى تناول الطعام. لم أكن مؤهلة لعلاقات صداقة قريبة. احتفظت بمسافة بيني وبين الناس، عشت في خوف مستمر لوقت طويل جدا، وأريد القول أن هذا الخوف استمر معي حتى الآن.
كل ناجية من حادث اغتصاب قابلتها قالت لي أنها تعيش في خوف مستمر لا ينتهي أبدا.
يمكن أن أصف مشاعري بأنني ميتة على قيد الحياة، وهو إحساس يصعب أن تغادره بالكامل. ولكني أتصور أن المفتاح الذي يمكن أن يخرج المرأة المغتصبة من هذا الإحساس هو أن تتحدث عما حدث لها.
في مرحلة ما لابد أن أن تختار بين أن تتحرك للأمام أو ألا تفعل شيئا. وبالنسبة لي كنت قد وصلت إلى الثالثة والعشرين من العمر، وبدات في التركيز على ايجاد وظيفة وحياة خاصة بي، وعملت لمدة طويلة وبجدية.
استنفرت كل طاقاتي ليس في علاقاتي الشخصية، ولكن في علاقاتي العملية، وحصلت على الماجستير في إدارة الأعمال وعملت بكل طاقتي، وتنقلت من وظيفة ناجحة لأخرى. وفي نهاية الثلاثينات من عمري كنت قد وصلت إلى الأمان المادي.
ورغم مرور 19 عاما على حادث الاغتصاب الذي وقع لي، كان لدي إصرار على إعادة فتح قضيتي، رغم أني لم أكن أسعى خلفها بشكل مستمر طيلة السنوات السابقة. وكان إصراري منصبا على حياتي العملية، وعلى نجاح أعمالي.
توجهت إلى الشرطة بحملة كاملة من الاتصالات من أجل إعادة فتح قضيتي، تحدثت مع كل الناس حتى عثرت أخيرا على اسم محقق تخصص في التحقيق في القضايا القديمة التي لم يسبق التحقيق فيها من قبل.
وتولى هو التحقيق في القضية وتمكن من حلها في ثلاثة أيام، أدلة الاغتصاب التي أخذت وقت الحادث تم تدميرها، ولكن قبل ذلك كانت الشرطة قد احتفظت ببصمات أصابع تمت إضافتها إلى قاعدة البيانات منذ 12 عاما، ولكن لم تكن قد استخدمتها. وتبين أنها مطابقة لشخص دخل السجن أكثر من مرة.
وعندما اعترف المغتصب شعرت بالحرية. والحرية هنا هي أفضل وصف لإحساسي الذي لم يكن له مثيل. كان تأثير تطبيق العدالة مثيرا بالنسبة لي، أردت أن أنام لأسبوع كامل. كانت حياتي تتغير بشكل جوهري، كما أنني قابلت زوجي لأول مرة في المحكمة يوم النطق بالحكم، وكانت صدفة محضة، وتزوجت وأنا في التاسعة والثلاثين من العمر وأنجبت طفلا وطفلة.''
ليلى، 24 عاما
.ليلى، 24 عاما، المغربروت ليلى (وهو ليس اسمها الحقيقي) أنها تعرضت للاغتصاب على يد ابن عم لها وهو في حالة سكر. وقالت:
''كان شيئا بالغ الصعوبة بالنسبة لي، لم أتصور أن مثل هذا الفعل الجبان يمكن أن يصدر عن أحد أقاربي. ولم أكن أتصور أن يحدث هذا معي. أغلقت غرفتي على نفسي، ولم أكن أرغب في أن أغادر المنزل، وتوقفت عن مقابلة الناس والحديث مع أقاربي. وبعد ما حدث لم أكن متاكدة مما أريد أن أفعله.
بحثت عن المساعدة من خلال الجمعيات المختصة بتأهيل الحالات التي تعرضت للاغتصاب، وهذا ما ساعدني على استعادة اعتباري وأشعرني أنني لست منبوذة، وأن ما حدث ليس غلطتي،.وبالفعل كان من المهم أن أتحدث إلى شخص ما، وأمي كانت داعمة ومشجعة لي لتجاوز هذه المحنة.
كان الناس يظنون بي السوء، كان الجيران يتجنبونني، ويظنون أنني وضعت نفسي في هذا الموقف، وأنني مسؤولة عما حدث لي. لم يكونوا ينظرون إلي على أنني ضحية. ولكن أمي كان تشجعني كي أعود لدراستي، وأن أبدأ بداية جديدة. ولكن نسيان شيء كهذا كان أمرا شديد الصعوبة. طالما كنت أشعر أنني ضعيفة، وأتذكر الموقف الذي مررت به.
أتصور أن السجن خمس سنوات عقوبة قصيرة بالنسبة لمن يرتكب هذا الجرم الشائن، فالمغتصب يستحق الإعدام، فأثر جريمته علي، والتدمير الذي أحدثه في حياتي سيبقى معي للأبد.
أتمنى ألا تمر فتاة أخرى بنفس تجربتي، فليست هناك امرأة تستحق هذا، والحكومة يجب أن تقوم بمسؤوليتها وتوفر الدعم لضحايا الاغتصاب، خاصة في الجرائم التي يمكن أن يكون لها أثر طويل الأمد على الضحايا.''
جينيث بيدويا، 38 عاما، كولومبيا
في 25 مايو/ أيار عام 2000، اختطفت الصحفية الكولومبية جينيث بيدويا بالقرب من باب سجن لاموديلو في بوغوتا، حيث كان من المقرر أن تلتقي أحد مصادرها الصحفية. وقد احتجزها ثلاثة رجال لأكثر من 16 ساعة، وعذبوها واغتصبوها. وقد تم التعرف عليهم في ما بعد كأعضاء في أكبر منظمة كولومبية شبه عسكرية تدعى القوات المتحدة للدفاع عن النفس، والتي كانت بيدويا تتولى إجراء تحقيق صحفي حولها.
''بعد حادث الاغتصاب، كان أصعب شيء هو أن أجد نفسي وحيدة مع تلك الكدمات في جسدي، وأن أشعر وكأنني يتيمة تماماً. لقد أدركت أنني ينبغي أن أواصل حياتي، لكنني لم أكن أريد الاستمرار، ولذا كانت أول فكرة لدي هي الانتحار. ولكن حينما بحثت عن الطريقة، اكتشفت أنني لا أملك الشجاعة، وكنت أخشى أنني لو تناولت شيئا لغرض لانتحار فربما لن أموت.
لكن كان علي أن أبحث عن سبب للبقاء، وكانت الإجابة الأولى التي استطعت أن أفكر فيها هي الاستمرار في القيام بالعمل الذي أحبه أكثر من اي شيء في حياتي، وهو الصحافة.
وكان الخروج إلى العمل مرة أخرى أمر صعب، لأن جسدي كان مليئا بالكدمات، وكان لدي ذراعان مختلفتان تماما، فقد كان يغطيهما اللون الأرجواني بسبب الضربات التي تلقيتها. كانت يداي ووجهي وجسدي كله مليء بالكدمات، وكنت لا أريد للناس أن تراني هكذا.
لكن بمجرد أن شعرت بأنني أستطيع أن أظهر وجهي، بعد أسبوعين من الاختطاف، قررت أن أرجع إلى صحيفتي التي أعمل لديها أي ''الاسبكتادور''.
لقد كانت تلك لحظة عاطفية، لأنني وصلت إلى الصحيفة وأنا بالكاد أستطيع أن أمشي. كان المدير يسير بجواري، وقد وقف الجميع – نحو مئتي صحفي – وبدأوا جميعا بالتصفيق، وقد شكلوا صفا طويلا. الجميع رحب بي في ذلك اليوم.
وبعد ذلك، تحدثنا فقط حول حادث اختطافي، ولم يتطرق أحد الى مسألة اغتصابي، خصوصا أن الكثير من الزملاء لم يكونوا يعلموا أنني تعرضت للاغتصاب. وكان كل ما عرفوه هو أنني تعرضت للاختطاف والضرب فقط.
حتى جاء يوم، وقام كارلوس كاستانو، قائد القوات المتحدة للدفاع عن النفس، بالكشف عن ذلك في مقابلة تلفزيونية. كان ذلك بعد حادث اختطافي بشهور. وفي ذلك اليوم اكتشف فيه جميع أصدقائي هذا الأمر، وكان ذلك قاسيا بالنسبة لي، ولم أتمكن من الحضور إلى العمل ليومين، ثم طلبت من الجميع عدم النقاش في هذه المسألة، وقد احترم الجميع ذلك.
كانت حوادث الاغتصاب في ذلك الوقت منتشرة جدا في كولومبيا، وكانت 90 بالمئة من الأخبار تتعلق بذلك، ولذا بدأت أكتب في هذا الشأن. وخلال الشهر الأول من العمل، كان كل خبر ينتهي بدموعي على وجهي. لكنني ظللت أردد ذلك لنفسي أنني لا يمكن أن أترك، إذ لم أقترف أي سوء.
وبعد اختطافي بستة أشهر كانت هناك اشتباكات بين المنظمات شبه العسكرية والعصابات المسلحة في الجزء الشمالي من البلاد. طلبت أن يوفدوني إلى هناك.
الصحيفة لم تكن متحمسة لهذه الفكرة، وذلك بسبب المخاوف الأمنية. لكنني أرسلت رسالة الكترونية إلى كارلوس كاستانو أخبره عن نيتي الاستمرار في العمل وأطلب منه بعض الضمانات من المنظمات المسلحة.
وقد رد على رسالتي بالقول ''ليست هناك مشكلة''، ولذلك ذهبت. وكان ذلك بمثابة الاختبار الحاسم، لأن هذا يعني أنني سأواجه المسؤولين عن اختطافي، وهي المنظمة شبة العسكرية.
لقد اتخذت قرارا حاسما جدا من قبل، وهو أن أنأى بنفسي تماما عن عائلتي، وكنت أقيم مع والدتي، وهي أهم شخص في حياتي. لكنني أبعدت نفسي عن أقربائي الآخرين، ولم أعد أتحدث إلى أبي مطلقا، فقد أردت أن أحمل آلامي وأعيش بها وحدي، ولم أرد أن أكون عبئاً على أي شخص.
وكنت كذلك أتلقى دعما نفسيا خلال العام الأول، لكن في النهاية وصلت إلى مرحلة شعرت عندها أن ذلك لم يعد يساعدني، فقررت أن أتوقف عن ذلك.
فقط في 2011 أعيد فتح العملية القضائية، وكان ذلك لأنني قررت أن أتكلم. وقد بدأت التحقيقات وكان الأمر مؤلما جدا بالنسبة لي لأن اختطافي تورط فيه أشخاص لم أكن أبدا أتوقع تورطهم.
والآن، إذا لم يتحقق شيء مع كل ما لدي من قدرة على التحرك، وما لدي من علاقات ومنها خط الاتصال المباشر مع النائب العام بالبلاد، فماذا عن القضايا الأخرى المشابهة؟ هذه هي المشكلة في كولومبيا، إذا لم يحدث شيء في قضيتي، فما الذي تتوقعه النساء الأخريات.
لقد أبلغت بيدويا الشرطة مباشرة عقب تعرضها للاغتصاب، لكن لم يحدث أي تقدم لمدة 11 عاما، ولذا في مايو/ آيار 2011، تقدمت بيدويا بقضيتها أمام لجنة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان، والتي حثت مكتب النائب العام على التحرك. وبعد ذلك بفترة وجيزة، ألقي القبض على أحد أعضاء المنظمة المسلحة والذي اعترف بتورطه في عملية الاختطاف، وبعدها، وجهت التهمة بشكل رسمي إلى شخصين آخرين من قبل النيابة العامة.
وفي سبتمبر/أيلول 2012، قرر مكتب النائب العام أن اختطاف بيدويا وما تلاه من تعذيب وتعدي جنسي يعد ''جرائم ضد الإنسانية''، وبالتالي فهي لا تخضع لأي قيود تتعلق بالقوانين التي تسقط بالتقادم، لاستخدامها من قبل أعضاء المنظمة المسلحة ''كأسلوب حرب من أجل إسكات الأصوات التي تجرؤ على فضح تجاوزاتها وانتهاكاتها''.
وانغوا كانجا، 37 عاما، كينيا
تعرضت وانغوا كانجا للاغتصاب في عام 2002، حينما كانت في طريق عودتها من العمل في إحدى الليالي، وذلك على يد أكثر من رجل. ولم تجد كانجا الفرصة لرؤية وجوه مهاجميها، فقد كان رأسها لأسفل طوال الاعتداء. وقد أنشأت مؤسسة وانغوا كانجا في نيروبي لمساعدة ضحايا الاغتصاب والتحرش الجنسي، بعد التجربة التي تعرضت لها.
''كنت أعيش وحدي في ذلك الوقت، وقد حبست نفسي ليومين كاملين، وبعد ذلك، اضطررت للخروج من الغرفة لدفع الإيجار والفواتير. وظللت لأيام غير قادرة على قبول هذا الحادث المروّع، وبالتدريج عدت إلى عملي أيضا.
لكن كان الأمر مرعبا بالنسبة لي، فقد كنت أعيش كابوسا، وكنت أشعر بالخوف والإحباط طوال الوقت. ولجأت بعد ذلك إلى الكحول كوسيلة للهروب حيث أصبت بالاكتئاب من عام 2002 إلى عام 2005.
وقد وصلت إلى الدرجة التي أصبحت عندها وحيدة. لم أكن سعيدة بذلك، وحضرت دورة تدريبية في علم النفس. كانت هذه نقطة تحول بالنسبة لي، فخلال الجزء العملي في الدورة أخترت أن أتعامل مع ضحايا الاغتصاب، وضحايا الاعتداءات الجنسية. وكان تعلّم طريقة تقديم النصيحة لهؤلاء الضحايا، بشكل ما، هو ما ساعدني كثيرا من الناحية النفسية.
عائلتي علمت عن حادث الاغتصاب فقط من خلال التقارير والمقالات الصحفية. ولم أكن على أفضل علاقة معهم في تلك المرحلة من حياتي، كما لم يجعل هذا الحادث الأليم الأمر أيسر أمامنا، وقد حاولوا هم أن ينكروا وقوع هذا الحادث في بداية الأمر.
وكان الناس من حولي، وخاصة هؤلاء الذي علموا بالحادث، يحاولون أن يبدوا أكثر لطفا معي، وهو ما كان له تاثير سلبي عليّ.
تعيّن عليّ أن أمضي وحدي خلال هذه الرحلة الصعبة. ولم يساعدني أحد بالفعل من العائلة أو الأصدقاء، وكان الشخص الوحيد الذي ساعدني في بداية الأمر هو إحدى عماتي، والتي أخذتني لإجراء الفحوص الطبية اللازمة وساعدتني في الحصول على بعض الخدمات، وكذلك المعلومات والنصائح المهمة.
لقد أبلغت الشرطة بهذه القضية، ولم ألق تشجيعاً من رجال الشرطة على اتخاذ خطوات أبعد من ذلك. ولم يقوموا حتى بإعداد تقرير جيد. وظلوا يصرون على أنني لا ينبغي أن أتقدم ببلاغ أو أتقدم باتهام ضد أحد.
وهذا هو السبب وراء عدم استمراري في السعي لتقديم الجناة للعقاب. وبدلا من ذلك، ركزت على أن أخرج نفسي من دائرة الاكتئاب وأن أقدم شيئا للآخرين من ضحايا الاغتصاب والاعتداءات الجنسية، لأنه يجب أن يكون هناك دعم لهؤلاء. وهذا ما دعاني إلى إنشاء مؤسستي الاجتماعية في عام 2005. ''
ديفيمايا، 28 عاما، نيبال
ديفيمايا سيدة من نيبال، وهذا ليس اسمها الحقيقي. كانت تعمل في الكويت بينما كان زوجها يعمل في المملكة العربية السعودية، وقد حملت ديفيمايا نتيجة لتعرضها للاغتصاب في الكويت عام 2008، ووضعت طفلة معاقة بدنياً بعد أن عادت إلى نيبال.تقول ديفيمايا:
''أخبرت زوجي الذي كان في السعودية عبر الهاتف بشأن حادثة الاغتصاب، وهدأني زوجي وأخبرني ألا أقلق، وقال إنه سيتحدث لوالديه في نيبال ليقنعهم بألا يحملوا أية ضغينة نحوي لأن ذلك لم يكن خطأي. لكني كنت أشعر بالعجز واليأس من العودة إلى بلدي.
ولم يتم إبلاغ الشرطة في الكويت بهذا الحادث، لأنني لم أكن أعرف الجاني، ولم أكن أعرف كيف أحصل على المساعدة من السلطات. فقد كنت أعمل مساعدة منزلية لدى إحدى العائلات الكويتية، ولم أكن أعرف اللغة أو القوانين المحلية، ولم أكن أعلم أيضا من الذي أتوجه إليه لطلب المساعدة.
ولم يكن أصحاب المنزل متعاونين معي، وقد استغرق الأمر مني شهرين من التوسل إليهم وأنا أعاني من متاعب الحمل، لأقنعهم بأن يسمحوا لي بالمغادرة إلى بلدي.
وبعد العودة إلى نيبال، تحدث أبي وأمي إلى والدي زوجي لبحث ما إذا كانا سيقبلان بعودتي إلي منزلهما وأنا حامل نتيجةالاغتصاب. وقد أخبرهم زوجي أنه سيقبل الطفل كأحد أبنائه، فسمحوا بعودتي وإقامتي معهم، وقد كنت أرسل إليهم المال من قبل أثناء فترة عملي في الكويت.
لكن بعد ثلاثة أو أربعة أيام، تغير سلوكهم نحوي فجأة، وتوقفوا عن التحدث إلي، وبدأوا في قذفي بالتهم، بل وشرعوا في ضربي. لقد أرادوا مني أن أغادر المنزل، لكنني رفضت، فأخذوا كل شيء في المنزل وغادروا هم.
وهم الآن يقيمون في مكان آخر لا أعرفه، وقد أخذوا معهم ابني البالغ من العمر ثماني سنوات.
وقد توقف زوجي أيضا عن الاتصال بي، وأدركت أنه لم يعد يحبني أو يريدني بعد ذلك، كما أصبح والداه يهددان ببيع المنزل الذي أقيم فيه. لكنني طلبت المساعدة القانونية من إحدى الجمعيات الأهلية، وأوقفت بيع المنزل.
وأصبح أغلب الناس الذين يعرفونني ويعرفون ما حدث لي يعاملونني بشكل مختلف، ولا يوافقون على أن أعمل لديهم، وأصبحوا يطارودنني بقولهم إنني أحضرت لهم ''طفلا مسلما''.
وهذا هو السبب وراء عدم حصولي على عمل بسهولة، فأضطررت إلى الانتقال إلى أماكن بعيدة لا يعرف الناس فيها حكايتي. لقد أصبحت حياتي صعبة جدا، لكن علي أن أعيش وأستمر في حياتي حيث لا أستطيع أن أموت.
لقد رضيت بمصيري، خصوصا أن أبي وأمي فقيران، ولا يستطيعان مساعدتي بأكثر من توفير الدعم المعنوي لي. غير أن هناك بعض الأقارب الطيبين من جهةالزوج أبدوا تعاطفهم معي، وسمحوا لي بالعمل في قطعة أرض يملكونها، والتي من خلالها أحاول أن أطعم نفسي وابنتي.''
ناتاليا، 26 عاما، روسيا
في عام 2007 تعرضت ناتاليا، التي تعيش في إحدى مناطق روسيا مع زوجها وابنتها، لحادث اغتصاب على يد رجل تعرفت عليه عن طريق إحدى صديقاتها، والتي ذهبت معها لزيارة بعض المعارف في إحدى الشقق السكنية. ولسبب ما غادرت صديقتها الشقة وتركتها بمفردها، وعندها تعرضت ناتاليا للاغتصاب.كان هناك اثنان من الشهود على الواقعة من أصدقاء المعتدي، والذي اعترف بجريمته، وقضى في السجن خمس سنوات، وهو الآن حر طليق بعد انتهاء قترة عقوبته.
''بعد أن يحدث شيء مثل هذا، ترغب الضحية في إنهاء حياتها، يستسلم بعضهن لإدمان الكحوليات، وأنا فعلت الشيئين معا، كنت كلما سكرت أنسى ما حدث لي، ولكن بعد أن أفيق أصاب بشعور أسوأ من السابق. أشعر بالضياع، وأفكر في المستقبل، ولا أستطيع أن أجد من أقع في حبه وأتزوجه.
بعد أسبوعين مما حدث لي، حاولت قتل نفسي، والقفز من الطابق السادس بإحدى البنايات، بعدها لاحظ أصدقائي حالتي، وتحدثوا معي عن ضرورة البحث عن المساعدة لدى أحد الأطباء النفسيين. كانوا يخشون من تركي بمفردي، وقمنا بالاتصال بخط النساء الساخن الذي قام بإعادة توجيهنا إلى مركز مساعدة المرأة أثناء الأزمات.
أوصاني المركز أن أقدم شكوى إلى الشرطة، ولكني كنت أتصور أنني أستطيع التعامل مع هذا بنفسي، وأنني أستطيع أن أطلب من بعض أصدقائي أن يعثرو على الرجل ويوسعونه ضربا إنتقاما لي. ولكني في النهاية ذهبت إلى النيابة العامة، وهي المرحلة التالية للشرطة، وأعتقد أن هذا كان الطريق الأكثر فاعلية حيث بدأوا في اتخاذ إجراءاتهم على الفور.
وكيل النيابة وجهني إلى الشرطة، وفي قسم الشرطة كانت المفاجأة بالنسبة لي، وذلك عندما وجدت تعاملا جيدا واهتماما بروايتي، كما تم تشجيعي للذهاب لأحد الأطباء النفسيين من خلال مركز الأزمات الذي كان يصاحبني في كل الخطوات.
عموما، لم أكن أرغب في الحديث عما حدث لي، حتى أمي لم أخبرها إلا عام 2008، يومها بكت وأخبرتني أن شيئا كهذا حدث لها أيضا. وأبدت دعمها لي في الخطوات التي أتخذها.
وكان زوجي يعرف كل شيء عن الحادث، كما أخبرت زميلاتي في السكن وقتها، وأعتقد أن السلطات فعلت كل ما تستطيع فعله في قضيتي.
كنت أعلم أن الاغتصاب ليس القضية الكبرى في روسيا دائما، ولكني كنت محظوظة، لأن القاضي تفهم قضيتي، ووكيل النيابة كان رجلا جيدا. كانوا رجالا ولكنهم ساعدوني بالرغم من أني كنت طالبة شابة، ذهبت بمحض إرادتها ووضعت نفسها مع موضع خطير.
وبعد النطق بالحكم، أحسست بأن حملا ثقيلا قد ذهب عني وانفجرت باكية، ولكن من السعادة هذه المرة. وأدركت أن الحياة ستبدأ معي من جديد، وأن ذهابي لمركز دعم الأزمات لم يكن بلا طائل.
كنت طالبة أدرس القانون وقتها، ولهذا كنت أعرف حقوقي، عدت إلى منزلي، قابلت زوجي المستقبلي، وتزوجت، وعندما انتقلنا إلى مدينة أخرى حيث أعيش الآن أنجبت ابنتنا، وأصبحت حياتي ناجحة.''