كتبت - نوريهان سيف الدين:
أغلبهم جاء من القرى البعيدة، لم يسعهم الحظ في حمل مؤهلات عليا فتم توزيعهم في وحدات الأمن المركزي بطول الجمهورية، تحركهم الأوامر وربما يضطرون إلى رفع السلاح في وجه المتظاهرين، دائماً هم في الصف الأول من الاشتباكات، ودائما ما يلقى عليهم باللوم والاتهام بالعنف، وربما بالانتقام منهم وحرقهم ''بالمولوتوف''.
''جنود الأمن المركزي''.. لا أحد يستطيع الوقوف على حقيقة كونهم متهمين أم ضحايا؛ فهم الذراع الحاملة للسلاح الميري، والمنفذة لأوامر تفريق المتظاهرين، وقد يصل الأمر إلى ''ضرب النار'' وإحداث إصابات قد تودي للوفاة؛ قد تراهم ينزلون بالهراوات على أجساد المتظاهرين سواء في الميادين أو في الحرم الجامعي، إلا أنهم كما يقولون ''احنا عبد المأمور وإلا هيتنفذ الأمر الميري فينا ونتحاكم''.
منذ أيام، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو للاشتباكات الدائرة ناحية كوبري قصر النيل؛ ظهر فيها أحد الجنود ''مشتعلاً'' جراء إلقاء قنبلة مولوتوف عليه من جانب المتظاهرين، وما كادت النار تشتعل بجسده حتى ظهر الواقفين بصف المتظاهرين وهم يهللون فرحا باحتراقه وإحداث خسائر بصف ''من يصفون المتظاهرين'' في نظرهم.
وسائل الإعلام دائماً ما تنصرف إلى الضحايا والشهداء في جانب الثوار، ولا أحد يسمع أو يرى ''عسكري'' شاء قدره أن يصاب في مظاهرة، أو يصطدم حجرا برأسه ويجرحه وهو يؤدي خدمته العسكرية وينفذ الأوامر، العدسات تلتقط المصابين وتستمع إلى أصوات أهاليهم عبر تليفونات برامج ''التوك شو''، لكنك لا ترى هذا العسكري المحترق بالمولوتوف وهو راقد بسريره، لا يجد حوله من يقوم على تمريضه سوى زملائه بالخدمة، في انتظار شفائه حتى يعود من جديد ''لتنفيذ أوامر المأمور''.