كتبت - نوريهان سيف الدين:
''كلنا خالد سعيد، كلنا سيد بلال، كلنا جيكا، كلنا كريستي، كلنا محمد الجندي... كلنا لها''، تعددت الأسباب والنزول للتظاهر والتعذيب والاعتقال والموت واحد.
نفس المنهج لم يتغير سواء كان محسوب على النظام البائد أو الحالي، تعذيب وتنكيل، كهرباء وحرق، تكسير عظام وضلوع ثم الدخول في غيبوبة ربما لا يفيق صاحبها إلا عند سؤال الملكين.
فجر اليوم انضم فرد جديد لضحايا تعذيب أفراد الداخلية، هو عضو التيار الشعبي ''محمد الجندي''، من يدخل على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي ''فيس بوك'' يرى شاباً وسيماً لبقاً، يتحدث ثلاثة لغات ويعمل مرشداً سياحياً، صوره في عده عواصم عالمية تنتشر بطول ''التايم لاين'' وتتخللها تدوينات لآرائه في الثورة على امتداد أيامها.
''الجندي'' قرر النزول في الأيام الأخيرة لإعلان رأيه كما تعود أن يعلنه دائماً، يسأل أين القصاص وحق بقية الشهداء؟، أين الإصلاحات التي وعد بها الرئيس؟ أين الاستقرار وأين دستور الثورة التي طالما حلم شباب الثورة به، تحدث مشادة كلامية بينه وبين أحد ضباط الأمن المركزي، يوجه له الضابط ''سباباً بالأم'' ويتوعده بتعليمه الأدب ويقتاده ومعه 23 معتقلاً إلى قسم شرطة قصر النيل لاتخاذ اللازم نحوهم.
يتغير المسار ويقتاد ''الجندي'' إلى معسكر الأمن المركزي بالجبل الأحمر، يفرج عن الـ23 معتقلاً ويبقى ''الجندي'' مختفياً لأربعة أيام أخرى ثم يفرج عنه لاحقاً، يعثر أصحابه عليه عند ''مستشفى الهلال'' برمسيس مصاباً بكدمات وكسور في جسمه، وفاقداً للوعي تماماً.
''آثار أسلاك على الرقبة، آثار كهرباء باللسان، كسر بثلاثة ضلوع، آثار كى بالنّار بالظهر والبطن، آثار ضرب بآلات حادّة في الوجه ومؤخرة الرأس والبطن والظهر والرجلين''.. هذا ليس وصفا لمشهد في فيلم رعب، بل هو ''التقرير الطبي المبدئي'' لحالة المصاب ''محمد الجندي'' الراقد في غيبوبة عميقة وحالته الصحية شبه ميؤوس منها.
فجر الرابع من فبراير، تفيض روح ''الجندي'' لخالقها، ويشتعل الموقف من جديد باستحضار صورة ''خالد سعيد - شهيد التعذيب'' إلى أذهان الجميع، مواقع التواصل الاجتماعي لم تنفصل عن الشارع الواقعي، جنازة ''الجندي'' ومعه صديقه بالتيار الشعبي ''عمرو سعد'' شيعت من مسجد ''عمر مكرم'' وسط دموع الآلاف، ومطالبة بقصاص عادل، ووضع دم قائمة طويلة من الشهداء والضحايا في ''رقبة مرسي والداخلية''.