كتبت - نوريهان سيف الدين:
لم يدر بخلد المعماري البلجيكي ''جاسبار'' وهو يصمم هذا المبنى العملاق أنه سيكون وقت بنائه ''أضخم فندق'' في أفريقيا قاطبة، وأن تصميمه سيغدوا يوما ''قصرا رسميا للحكم'' على أرض مصر.
''قصر الاتحادية''.. رحلة طويلة شهدت العديد من الأحداث والتحولات السياسية، وتغير معها أيضا الهدف الذي بني من أجله هذا القصر، البداية كانت عام 1908 حين وضع حجر الأساس، وانتهت عملية البناء في الأول من ديسمبر عام 1901، ليخرج إلى النور ''فندق جراند هليوبوليس بالاس''، أو ما عرف اختصارا بـ''هليوبوليس بالاس''، هذا الفندق الضخم المكون من أكثر من 400 غرفة، بالإضافة إلى 55 شقة فاخرة.
الفندق ذو ''القبة الشهيرة العملاقة'' شُيّد في ضاحية ''مصر الجديدة'' البعيدة عن ازدحام القاهرة، أو كما كانوا يطلقون عليها حينها ''مصر المحروسة''، لا يربط بينه وبين قلب العاصمة سوى ''التروماي'' أو مترو مصر الجديدة العريق المستمر حتى الآن، وكان وقتها أضخم فندق في أفريقيا في ذلك الوقت، وصُمم لتنعقد به المؤتمرات الهامة وينزل به أشهر رجال السياسة الأوروبيين في أثناء رحلاتهم إلى مصر.
ظل الفندق يقصده السياح من كل مكان وبالذات الطبقة الغنية، إلا أنه توقف عن ممارسة نشاطه مرتين في الحرب العالمية الأولى والثانية؛ حيث حولته بريطانيا إلى مستشفى عسكري لعلاج المصابين الإنجليز، وبمرور السنوات تحول إلى مقر للوزارات الحكومية سنة 1958، ثم تحول عام 1972 إلى مقر لـ ''اتحاد الجمهوريات العربية - مصر وسوريا وليبيا''، ولذلك السبب سموه بـ ''قصر الاتحادية'' ومن يومها مازال يعرف بهذا الاسم.
في عهد الرئيس السابق ''مبارك''، ظل ''قصر الاتحادية'' منزلا لاستقبال وفود الدولة الرسمية، وكان يشتهر باسم ''قصر العروبة''، وشهد القصر خروج ''مبارك'' منه على متن مروحية إلى شرم الشيخ بعد اندلاع أحداث ثورة 25 يناير، وإعلان المتظاهرين الزحف إلى ''القصر الرئاسي''؛ حيث كان يتواجد ''مبارك'' وقتها.
أما في عهد ''مرسي''، تحول القصر إلى ''ساحة تظاهر'' توازي ''ميدان التحرير'' في الشهور الأخيرة، وشهدت أسوار القصر المزدانة بآيات القرآن الكريم عديدا من رسوم ''الجرافيتي'' المناهضة لوصول الإخوان للحكم والمطالبة برحيل الدكتور مرسي، لكن أشهر الصدامات جاء في بداية ديسمبر الماضي، و فض اعتصام المتظاهرين حول القصر، ومؤخرا منذ أيام قليلة من الذكرى الثانية للثورة، وأحداث ''القناة'' الأخيرة.