كتبت - نوريهان سيف الدين:
تظاهر، هتاف، رفض للواقع، اشتباكات، صدام مع قوات الأمن، تعرية و سحل، هراوات تنزل على الجسد فتلهبه، عدسات كاميرات ترصد كل شيء لتنقله إلى الشاشات، إعلام يتكلم ورأي عام يلتهب، ينقلوه ليتلقى العلاج وتبدأ الخيوط تتشابك أكثر مع كل خطوة للاقتراب من التفاصيل.
إن شئت يمكنك تسميته ''المواطن إكس''؛ فهو مجرد حالة وقعت في صدام عنيف مع قوات الأمن شأنه شئن سابقيه وعلى رأسهم ''خالد سعيد وسيد بلال'' و مئات غيرهم، وإن شئت التحديد فهو ''المواطن حماده صابر علي - مبيض المحارة''، نزل للتظاهر أمام سور قصر الاتحادية رافضا سياسات حكومة ''قنديل'' وعدم تدارك ''مرسي'' للأوضاع، فصورته العدسات في مشهد سحل وضرب أثار الرأي العام ورجال السياسة والمعارضة.
زوجة تتحدث بصعوبة تنفي اعتداء الأمن على زوجها ثم ينقطع الاتصال، مشهد لسرير بالمستشفى يرقد عليه ''حماده'' وهو يثمن مجهود رجال الشرطة في نقله لتلقي العلاج بالمستشفى، شهادته باعتداء المتظاهرين عليه وإنقاذ الشرطة له، ثم تراجع عن تلك الشهادة والقول بأنها تمت تحت ضغط من بعض رجال الشرطة لتحسين صورتهم في وسائل الإعلام والتنصل من مسئولية الواقعة القذرة بضرب وسحل وتعرية مواطن.
الخلاف امتد لأروقة السياسة ولم تترك فرد سواء محسوب على السلطة أو حتى المعارضة إلا وأدلى بدلوه في تلك الواقعة؛ فبين تصريحات ''سمير الوسيمي - المتحدث الرسمي باسم الحرية والعدالة'' أنه لابد من تصديق شهادة المواطن الذي تم سحله بمحيط قصر الاتحادية يوم الجمعة الماضي، مضيفاً أنه ليس من حق ''جبهة الإنقاذ'' التحدث باسم الشعب واحتكار المعارضة تحت رايتها.
وخرجت ''جبهة الإنقاذ'' لترد على تلك التصريحات، رافضة ''سحل وتعذيب المتظاهرين''، مطالبة حكومة قنديل بالاستقالة فورا، متهمة إياها بمحاولة إجهاض ''الجبهة'' المعارضة بقوة لتنفيذ مخطط الإخوان للاستئثار بالحكم والانفراد به.
''حماده'' كان موضوع الساعة على الفضائيات الدينية أيضاً، وتحدثت عنه ''قناة الحافظ'' بأنه ''بلاك بلوك مخرب، قام بتعرية نفسه لقوات الأمن، وعرض ممارسة الشذوذ معهم مقابل إطلاق سراحه''، حسبما ذكرت القناة في إحدى برامجها .
العقدة الدرامية والتصعيد جاء بتراجع ''حماده'' عن اعترافاته أمام عدسات الإعلام وهو راقد بالمستشفى لتلقي العلاج، وظهور ابنته لتعلن ''تبرأ أسرته منه بعد تخاذله واعترافه بعكس الواقع''، وسرعان ما تراجع ''حماده'' عن أقواله؛ حيث أكد أن قوات الشرطة المتمركزة أمام قصر الاتحادية قد قامت بالتعدي عليه بالضرب المبرح وتجريده من ملابسه وسحله وإحداث الإصابات التي لحقت به.
على ''فيس بوك'' نصبت محاكمة ثورية لـ''حماده''، وانتقد أصحاب الدم الثوري تبرئته لجنود الأمن من سحله، معتبرين أن موته وهو مرفوع الرأس مثل فتى الأولتراس ''جيكا'' كان أشرف له، قائلين: ''يا تموت وأنت جيكا.. يا تعيش وأنت حماده''.