كتبت - إشراق أحمد:
خرجت لعملها بمكتب المحاماة غير عابئة لما يتردد عن الخوف والقلق المحيط، فما كان ليصيبها، وما أصابها لم يكن ليخطئها؛ كما أنه ليس للسياسة مكان بحياتها؛ فكل ما يهمها أن تكون البلد ''كويسة''، لكن القدر شاء أن تكون عودتها بشارع قناة السويس بالإسكندرية بداية جديدة كانت المعاناة عنوانها ومضمونها.
عامان ظلت ''صابرين'' في رحاب مستشفى القصر العيني الفرنساوي لا تلبث أن تخرج حتى تعود إلى حجرتها رقم ''19'' وسريرها، وذلك بعد أن حول صندوق ''مصابي الثورة'' والذي لا يوجد فرع له بالإسكندرية، جواب علاجها إلى ''القصر''، الأمر الذي جعلها تقيم مضطرة بالقاهرة لكثرة التردد والاحتجاز بالمستشفى.
فما كانت تلك الرصاصة الطائشة التي اخترقت جانبها الأيمن لتخرج من الأيسر يوم الجمعة28 يناير 2011 والمعروفة بـ''جمعة الغضب''، لتترك عمودها الفقري دون كسور مما أدى بها إلى شلل نصفي وقطع بعصب التحكم في البول، ومع ما عانته ''صابرين'' من ألم الإصابة الجسدي والنفسي، إلا أن كلمات الحمد والابتسامة ظلوا رفقائها طوال عامين.
وإن لم تخل تلك الفترة من لحظات يأس تمنت فيها السيدة الأربعينية لو أن الموت اقتصر طريقه إليها بدلا من الإصابة، لكن سرعان ما كان الأمل في الحياة يعود بالنظر إلى أبناءها الاثنين الذين لم يكملوا مراحل الدراسة بعد.
وكل ما كانت تتمناه ''صابرين'' بعد الإصابة التي جعلت من ممشاة حديدية معين لها على الحركة، هو تنفيذ الوعود لها بالسفر للعلاج الذي عجز عنه الأطباء في مصر، والعودة إلى الإسكندرية مرة أخرى وإلى أولادها.
لكن أمنيتها الأولى بالراحة من الألم كانت الأسبق حيث أيام قليلة مرت على الذكرى الثانية للثورة وجمعة الغضب، وكأن قلبها لم يعد يحتمل مرور عامين دون جديد، ليتوقف عن العمل بعد إصابتها بميكروب في الدم أدي إلى تسمم وصل إلى المخ.
ورفض قلب ''صابرين'' الحياة بعد معاناة استمرت عامين رغم نجاح الأطباء في إعادته للعمل مرة أخرى بعد يومين من التوقف، علها كانت تخبرهم أنه الآن قد عرف الموت طريقه إليها، لتلفظ أنفاسها الأخيرة السبت 2 فبراير 2013 ومعها تسجل الأوراق والدفاتر وقبلها النفوس والعقول رحيل آخر شهداء جمعة الغضب 2011 .