كتبت- دعاء الفولي وإشراق أحمد:
حجرة متوسطة الحجم، مكتب وخزانة من الصاج، عدد من الكراسي الخشبية يزيد مع الحضور؛ مقر جمعية ''الأجيال''، مبنى وسط مساحة مقفرة إلا قليل من الزراعة تظهر في خلفيته، هنا يجتمع المستفيدون ''ظاهريًا'' من أراضي المرحلة الثالثة لمشروع الخريجين، فمنذ استلامهم الأفدنة، قليل من العائد يجدوا على حد قولهم، يلتقون لكتابة شكوى أو المشاورة لإيجاد وسيلة في مشكلة المياه، يحضر ''رجب عابدين'' تاركًا زوجته وأبناءه الخمسة في قريته بالفيوم، الأرض أمله وعائده الوحيد الذي يعرفه، منذ كان يعمل مع أبيه أجيرًا في أرض حتى أصبحت تلك الأفدنة ملك يمينه.
''هناك'' أشار الرجل الثلاثيني ذو الجسد النحيل والملامح السمراء الهادئة إلى أرضه، مساحة خضراء تظهر على استحياء بين مساحات خالية بدا بها شقوق رغم أنها صحراوية، ''مافيش مايه والأرض بتبور'' قالها ''عابدين''، حاله شأن 106 خريج تقدموا لاستصلاح 520 فدان بواقع خمس أفدنة أو اثنين في حالة المنتفعين، بدون المياه لا تستقيم الزراعة، 11 ألف جنية مقابل الأرض لازال ابن الفيوم يسدد أقساطها ''شيح وبصل وقمح وكل حاجة'' على حد قوله تنبته الأفدنة التي أصبح العائد منها 7 أردب بعد 20.
''محطة 9'' مشكلة تؤرق ''الخريجين'' منذ استلامهم الأرض، فإذا كان يمكن الصبر على المنازل غير الصالحة للإقامة بها أو محطة الكهرباء المتوقفة دون عمل وكأنها ''خيال مآتة'' يبعد ''الطيور'' المحاولة البقاء جوار أرضها أملاً في رزق حال ''ملاك عوض'' الذي لم يجد كلمات تعبر عن حاله غير ''أنا قربت أشحت''.
لم تعمل المحطة حتى 2008 وفقًا لإحدى الشكاوى المرفوعة لمحافظ بني سويف، والتي لم تنقطع حتى عام 2012، مطالبًة باستلام مصلحة الميكانيكا والكهرباء التابعة لوزارة الري باستلام المحطة شأن المحطة الرئيسية والفرعية، حيث قال ''الخريجون'' إنهم ''اضطروا'' لاستلام المحطة لزراعة الأرض غير أنه مع الوقت تجلت المشكلة؛ لم يتم استكمال المحطة، إذ ينقصها بعض القطع رغم كفاءتها على حد قولهم، فضلاً عن كونها محطة ''ضغط''، فما أن يتم التشغيل حتى تبدأ المواسير في ''الانفجار''، مرات عديدة بالشهر يضطر مستصلحي الأراضي لإصلاحها.
''كل المحطات الكبيرة بتستلمها الميكانيكا والكهربا بيصلحها ويشرف عليها فني ماينفعش تتسلم للمزارعين والمنتفعين عشان لما بتتحرق ما بتتصلحش لأننا مش فنين'' قالها ''محمد عبد التواب'' أحد المنتفعين كبار السن بالمنطقة يأتي تضامنًا مع ''الخريجين''، فالأغلبية من المزارعين على تواصل دائم خاصة إذا تعلق الأمر بالأرض، مؤكدًا أن ''9'' المحطة الوحيدة التي لم تستلمها المحطة.
300 فدان مهددة بالبوار لعدم زراعتها حسب تأكيد ''الخريجين''، في حين قال ''مصطفى أبو زيد'' رئيس مصلحة الميكانيكا والكهرباء إنه طبقاً للقانون المصلحة لا تستلم المحطات التي تخدم أقل من 3 آلاف فدان قائلاً ''هو كل حد عنده مثلاً طلمبة يرمي حملها على الحكومة''.
وأضاف ''أبو زيد'' أن بناء المحطة لا يعني إلزام المصلحة باستلامها، فمهمة المصلحة الإشراف على المحطة الرئيسية والفرعية، وأن على المستفيدين التصرف ''يجيبوا فني''.
وأوضح ''محمد عبد الحليم'' مدير الإدارة المركزية للتوسع الأفقي بقطاع استصلاح الأراضي –وزارة الزراعة- أن 75 قطعة أرض يتم زراعتها في زمام محطة ''9'' و37 ''بور'' إلى جانب 7 قطع قام أصحابها بتحويلها إلى محاجر، مما يجعل نسبة الزراعة في المنطقة 66% حسب قوله.
''عادي بيحصل انفجارات'' علق ''عبد الحليم'' على مشكلة ''الخريجين'' موضحًا أن الأمر طبيعي'' في محطات عندنا شغالة بقالها 30 سنة وبيحصل فيها انفجارات والناس بتصلحها'' ملقيًا الخطأ على الخريجين، بأنهم من الممكن قيامهم تشغيل وحدات أكثر من المطلوب ولهذا يرجع حدوث كثير من الانفجارات في الخطوط قائلاً ''هذا الخريج عطيناه الفدان بألف جنيه، في حين أن تكلفته على الدولة 20 ألف ما هو المطلوب بعد هذا''.
وعن طبيعة الأراضي بمنطقة سدمنت الجبل قال ''زكريا الحداد'' أستاذ الهندسة الزراعية والنظم بكلية الزراعة جامعة بنها، إن الأرض الصحراوية التي لا يجوز الري سوى التنقيط، وأنها تختلف في تحديد ما يمكن زراعته بها ''لازم المزارع ياخد عينة من الأرض ويحللها عشان يعرف طبيعتها'' لأن الأرض الصحراوية تختلف من منطقة لأخرى حسبما قال.
عودة الأرض بعد تعرضها للبوار يعتمد على نوع التربة على حد قول أستاذ الهندسة الزراعية، فإذا تم زراعة الأرض لأكثر من موسم، تظل المادة العضوية بالتربة، لكن في حالة الأرض الصحراوية تعود إلى أصلها وفي هذه الحالة يعتمد الأمر على طبيعة الزراعة ففي خلال عام من الزراعة يمكن الحصول على إنتاج جيد، مؤكدًا ''الحداد'' أن الرقعة الزراعية تقل بنسبة 30 ألف فدان في السنة وهذا يرجع ''لتسيب الحكومة'' وعدم إعطاء حلول للمزارعين لزيادة دخولهم حسب قوله ''واحد عايز يجوز بنته ومافيش قدامه عائد بديل هيضطر يبيع الأرض أو يبني عليها''.