كتبت - يسرا سلامة:
يقولون إن الموسيقى غذاء الروح، لكن ''نسرين حنفي'' أستاذ التربية الموسيقية أمنت بها لغة للفهم والتعلم، بعد ابتكارها برنامج متكامل لإدماج الموسيقى في المناهج التعليمية، والذي سيتم تطبيقه على أبناء الصفوف الثلاث الأولى الابتدائية في العام الدراسي المقبل، بعد أن تبنت المشروع وزارة التربية والتعليم.
بداية الفكرة ولدت من رحم الفصل، وقت أن كانت ''نسرين'' مدرسة تربية موسيقية في عام 2001، لتحصل على نصيبها من حصص الاحتياطي في مدرسة العبور الابتدائية، لتدخل إلى الفصل ترى الوجوم والعبوس يرتسم على وجه الطلبة، ونشيد لغة عربية للصف الخامس الابتدائي أعلى السبورة، لتعلم منهم إن النشيد صعب ويجب عليهم حفظه.
بحب للموسيقى وروح الأم، ساعدتهم ''نسرين'' في إضفاء لحنًا على النشيد، لتسرده عليهم مرة تلو الأخرى، لتتركهم عقب الحصة مملؤين بالبهجة، مرددين للأبيات، ولتخرج هى بأزمة تذكرها مديرة المدرسة لها، فالجميع انتقل إليه خبر ''المدرسة اللي بتلحن النشيد''، ليطلبها الأطفال في حصصهم، لتبدو السيدة منهكة عقب فترة من العمل في المدرسة، لتتركها وتذهب إلى حضانة خاصة، تكمل المشوار، ألحان بصحبة المنهج لأبناء ''الكي جي''، تسري في روحهم الألحان والأناشيد، دون أن تذهب من ذاكرتهم.
عام تلو الآخر، ظلت التجربة تكبر، حتى الاطفال اللذين سمعوا أنشدتها عادوا يسمعونها بعد انتهاء مرحلتهم الدراسية، نقلت التجربة لزميلة تملك حضانة، حتى عادت ''نسرين'' أدبار كليتها الأم ''التربية الموسيقية جامعة حلوان''، تعد خُطة كاملة للمشروع، أن تجعل الموسيقى طريق للمناهج ينقل ما استصعب إلى ذاكرة براعم المستقبل، تقدمت بالمشروع إلى وزارة التربية والتعليم، ليصبح طور التنفيذ على خمس محافظات كبداية، ومن كل محافظة إدارة كاملة وهم محافظة القاهرة والإسكندرية والشرقية وأسيوط والإسماعيلية.
تقول صاحبة المشروع إن الامر لا يقلل من نصيب الحصة الأساسية، فالتجربة بالأساس تدور في حصتي الموسيقى والرسم، فمثلًا مدرس اللغة العربية يشرح القاعدة بشكل طبيعي في الفصل، حتى يصل الطالب إلى حصة الموسيقى، ليتعلم الطالب القاعدة التي أخذها في هذا الأسبوع أو النشيد بشكل مسموع، وعزفه على الآت موسيقية بداخل الفصل، ويصاحبه أيضًا ما أطلقت عليه ''مسرحة المناهج''، أن يتم تمثيل تلك القصص من أبطال المتلقين، التلامذة أنفسهم.
طوال خمسة أشهر تعكف ''نسرين'' والفريق المنوط به إنجاز المشروع على وضع الخطط للتجريب، فريق من أساتذة التربية الموسيقية والفنون التطبيقية يشحذ الهمم، بجانب خبراء من اللغة العربية يراجع القواعد النحوية، ليبتكر فريق الرسومات شخصيات تسهل للطلاب المنهج، وبرامج تحريك توضع على CD تساعد المدرس في الفصل لاحقًا على عرضها للطلاب، لتذكر ''نسرين'' إن تلك المواد ستكون جاهزة من العام القادم على موقع الوزارة الإلكتروني.
وبحسب مبتكرة المشروع، فإن تلك المواد التعليمية ستحتاج مجهود أقل من مدرس الموسيقى أو الرسم، ''المدرس عنده كل حاجة جاهزة''، أسلوب عمد إليه الفريق من أجل التسهيل على المدرسين، وتفادي العقبات منهم، وليطبق النموذج بالصوت والحركة والتحريك أمام عيني الطفل في سنواته الأولى.
حروف الأبجدية، قواعد النحو، العلامات الحسابية، وغيرها من المواد التي يحتاجها الطفل في بداية التعليم الابتدائي سيجده في مشروع إدماج الموسيقى بالمناهج، تذكر ''نسرين'' إن المشروع رغم تبني وزارة التعليم له لا يزال يحتاج إلى ممول، تذكر أن الآت بسيطة مثل الأورج والباند كافية لنجاح المشروع، وبعض المجسمات الكارتونية كفيلة بإبراز الفكرة في حصة الرسم، لكنها تحتاج إلى دعم في ظل مدارس حكومة تعانى من مشكلات في توفير تلك المواد.
كما لا ترى صاحبة المشروع إن زيادة أعداد الفصول سيُهدم الأمر، بل بالعكس كافٍ لإيصاله، وتقسيم العمل على مجموعات، لتذكر أن جزء من الفصل يذهب للكورال وآخر للتمثيل، وآخر للغناء، ومثل للرسم وتصميم مجسمات، لترى أن الطاقة البشرية لدى الأطفال تحتاج إلى حُسن توجيه، للحصول على نتائج مبهرة.
قيم عديدة وجدتها أستاذة التربية الموسيقية بالمناهج أثناء إعداد المشروع، الوطنية والانتماء وحسن السلوك، كلها قيم بداخل الأناشيد المدرسية، لتذكر واحد من تلك الأناشيد ''لا تقطف الزهور بوجهها الصبوح ..كي تصنع العطور، وعطرها يفوح''، لتضيف ''نسرين'' إن التجربة إذا كتب لها النجاح سوف يتم تطبيقها على جميع المدارس في الجمهورية.
بالصور- أبو النصر يشهد ختام البرنامج التدريبي لإعداد قادة المستقبل