كتبت-رنا الجميعي:
لم يعرف الرصاص طريقه فقط تجاه صدور الإخوان، لكنه عهد إلى كل من بطريقه، سواء كان الميدان رابعة أو النهضة، فأرضيهما امتلأت بدماء امتزجت، لم تكشف عن بطاقات التعريف، اثنين قادهما إيمانهما إلى التواجد، ليلقيا حتفهما هناك.
الأول آمن بأن الجيش يحمي ولايحكم، لذا اتجه بعد كلمة ''عبد الفتاح السيسي'' يوم الثالث من يوليو إلى ميدان رابعة، وفي أحداث المنصة يوم السابع والعشرين من الشهر ذاته تتجه رصاصة إلى ظهره ترديه قتيلًا، والثاني آمن بشرعية الرئيس المنتخب وقتها ''محمد مرسي''، والدفاع عن ''حق مغتصب''، وينضم إلى حشود المعتصمين بالنهضة، إلى أن تنتهي حياته بعد الفض بيومين في اشتباكات بالهرم.
بقيت رسوماته على الجدران دليلًا على أنه كان هنا، ''عيسى عصام'' الشاب الصغير الذي استشهد بأحداث المنصة، يقول صديقه ''عبدالرحمن الغايش'' أن ''عصام'' نزل يوم الثلاثين من يونيو، ولكن مع تتابع الأحداث، والكلمة التي ألقاها الفريق وقتها ''عبدالفتاح السيسي'' التي أشعرته بأن الجيش لا يجوز له التدخل في الحياة السياسية، وكان منطق رسام الجرافيتي لنزول ميدان رابعة بعدها هو تأييد الحق ''قاللي إنه مش نازل عشان مرسي والشرعية، لكن نازل عشان عارف إن العسكر قاتل من زمان''، لم يعبأ الفتى بحليفه في ذلك الوقت ''مكنش فارق معاه هو نازل مع مين، فلول ولا إخوان، المهم الحق''.
لم يعتصم ''عصام'' بميدان رابعة، فقد اكتفى بالمرور من وقت لآخر، ليقضي بعض الوقت مع صديقه، في اليوم الذي عُرف إعلاميًا بأحداث المنصة انتهت حياة ''عصام''، حيث تواترت الانباء أن رصاصة عرفت طريقها لظهره كانت السبب، لم يعلم ''عبدالرحمن'' كيف مات صاحبه، ولكنه يعلم جيدًا أنه بدرب الحق.
بصوت خفيض يتحدث شقيق ''سيد الخولي'' عنه، الباحث في العلوم السياسية الذي استشهد في اشتباكات الهرم يوم السادس عشر من أغسطس وقتما حاول إنقاذ مصاب، كما يقول أخيه، لتصيبه رصاصة تودي بحياته.
لم يكن ''الخولي'' منتميًا إلى الإخوان، إلا أنه آمن بالاعتصام في ميدان النهضة، تأييدًا لحق تم اغتصابه، يقضي أيامه به متجاوزًا أيام أكثر خطورة، حتى يأتيه قدره، من فوهة سلاح أطلقه ظابط، كما يقول شقيقه مدللًا أنه يوجد فيديو يظهر فيه الظابط الذي أطلق الرصاص على ''الخولي''.
رغم وجود مثل هذا الدليل إلا أن أهل الراحل لم يتخذوا إجراء يستدلوا به على معلومات عن قاتله، يفسر شقيقه أن عدم وضوح هيئة الظابط وعدم معرفته باسمه سببًا لعدم اللحاق به قضائيًا.