كتب- محمد مهدي:
ملئوا الدنيا ضجيجا بصمودهم، اعتلوا المنصات، هتفوا وصرخوا، أشعلوا الأجواء بحماس، وأمدوا عشيرتهم بوعود عن بقائهم حتى الرمق الأخير من التجربة، قالوا إنهم لن يغادروا الاعتصام مهما كلفهم الأمر، وأول من يتبرعون للقضية بأرواحهم، إلا أنه مع بدء عمليات فض اعتصام رابعة العدوية من قِبل قوات الأمن، واشتداد الاشتباكات، اختفت قيادات الاعتصام من جماعة الإخوان المسلمين من المشهد بغتة، تاركة أبناء جماعتهم يلاقون مصيرهم وحدهم.
المرشد
في يوليو من العام الماضي، وقف محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، فوق منصة بميدان رابعة العدوية، بوجه مرهق وكلمات حماسية، ينفي خبر القبض عليه إثر عزل الدكتور محمد مرسي، ثم صرخ في أنصاره أثناء كلمته قائلا ''أنا لست فرارا.. الملايين المؤيدة لمرسي ستبقى في الميادين حتى عودته''.
اختفى مرشد الإخوان من المشهد السياسي في الأيام التي تلت ظهوره على منصة رابعة، لكنه لم يخرج من الاعتصام خوفا من القبض عليه، وبعد انتهاء فض اعتصام رابعة العدوية لم يُعثر عليه.
شنت قوات الأمن حملات ضارية للوصول إليه، حتى تم إلقاء القبض عليه في 20 أغسطس 2013/ بدالخل شقة بمدينة نصر التي تطل على الميدان الذي شهد مقتل وإصابة المئات من أنصاره.
العريان
لم يترك عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، فرصة للظهور في وسائل الإعلام أو أمام أنصار الجماعة إلا وأكد على أنهم سيواجهون فض الاعتصام بصدور عارية ولا يخشون الموت.
على منصة النهضة في 3 يوليو 2013، عَلق العريان على عزل ''مرسي''، قائلا ''الموت أسمى أمانينا''.
خلال فض الاعتصام صرح ''العريان'' في مداخلة هاتفية بقناة القدس الفضائية، أن قيادات الاعتصام موجودة وسط الناس صامدة وتحاول أن تثبتهم، مؤكدًا أنهم احتسبوا أرواحهم لله.
مع سوء الأوضاع بداخل الاعتصام غادر ''العريان'' ميدان رابعة العدوية، لم يفِ رجل الجماعة المفوه بوعده، قبل أن يتم ضبطه في شقة بمنطقة الشويفات بالتجمع الخامس في 30 أكتوبر بعد أكثر من 100 مأمورية استهدفته في عدد من المحافظات.
البلتاجي
الدكتور محمد البلتاجي، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، خرج على منصة رابعة قبل ساعات من الفض، مطالبا المعتصمين بالصمود هاتفا ''بالروح بالدم نفديك يا إسلام''.
وجه ''البلتاجي'' عناصر تأمين الاعتصام قائلا إنهم سينامون أمام المدرعات التي تهددهم ولن يهربوا في أي اتجاه.
بعد ساعات ظهر ''البلتاجي'' داخل الاعتصام منهكا، حاول تثبيت الناس، وتعزيز الأمل بداخلهم، ومع نهاية اليوم وسيطرة قوات الأمن على المكان، وبالتفتيش عنه اكتشفوا فراره.
15 يوما قضاها القيادي الإخواني الأبرز في الجماعة هاربا، قبل أن يسقط بإحدى الشقق في منطقة ترسا بأبوالنمرس دون أدنى مقاومة.
حجازي
''مش ناويين نسيب الميدان.. ولا هنسيب القضية'' قالها القيادي صفوت حجازي-الذي تصدر المشهد مع بداية اعتصام رابعة- في تصريحات صحفية قبل ساعات من الفض، متوقعا سقوط 3 آلاف قتيل وفشل قوات الأمن في هدفها.
لكن ''حجازي'' ترك الميدان في النهاية، فر بعيدًا نحو الحدود، وغير هيئته كما فَعل مع وعوده، تخلص من لحيته، وترك ''سكسوكة'' مصبوغة بالأسود في محاولة منه للتخفي عن الشرطة التي ألقت القبض عليه في 21 أغسطس بمنطقة سيوة بمطروح.
خطة الهروب
من جانبه قال اللواء هاني عبداللطيف، المتحدث باسم الداخلية، إن قيادات الاعتصام من جماعة الإخوان وضعوا خطة مسبقة للهروب من ميدان رابعة العدوية في حالة تنفيذ الدولة لقرارها بفض الاعتصام.
وأضاف عبداللطيف في تصريحات لمصراوي، أنهم استخدموا عناصر مسلحة تتعامل مع قوات الشرطة لتغطية هروبهم لخارج الاعتصام، مؤكدًا أن إطلاق النيران بدأ مع سقوط أول شهيد من الشرطة الساعة 7 وعشرة دقائق وامتد التعامل لمدة 10 ساعات-بحسب قوله.
وأشار عبداللطيف إلى أن الطرق الآمنة التي تركتها الدولة لخروج المعتصمين دون ملاحقة أمنية تم استغلالها من قيادات الاعتصام من جماعة الإخوان المسلمين، وقاموا بالهروب من خلالها.
الطرق الآمنة
وأوضح أن وزارة الداخلية كانت مهتمة بخروج المعتصمين أمنين وإخلاء الميدان منوهًا إلى عدم وجود نية لضبطهم أو تفتيشهم مما تسبب في تخفي بعض القيادات والفرار من الاعتصام.
وأكد المتحدث باسم الداخلية، أن قيادات الاعتصام ظهروا في بداية الفض من خلال شاشات التليفزيون بداخل ميدان رابعة العدوية، لكنهم سرعان ما ولوا خارج الاعتصام في أماكن خططوا للاختباء فيها.
وتابع، أن جميع من ظهروا على منصة رابعة من القيادات تركوا المكان وهربوا في مناطق بعيدة عن الميدان مثل ''حجازي والبلتاجي والعريان''، أما الآخريين ممن اختفوا طوال الاعتصام مثل ''بديع'' تم القبض عليهم في مدينة نصر.
الخرباوي في ندوة ''مصراوي'': هشام قنديل إخوان من الخلايا النائمة