ايجى ميديا

السبت , 18 مايو 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

بالصور: ''منة'' .. وما فض ''رابعة'' إلا ساعة برفقة ''جثة''

-  
اعتصام  رابعة العدوية
اعتصام رابعة العدوية

كتبت- إشراق أحمد:

بالقرب من ميدان "رابعة العدوية" تسكن، لأكثر من شهر لازم الاعتصام محيط منزلها، حرصت منة حسام الدين على متابعة الأمر بعينيها، حتى يوم الفض الذي ساقها فيه القدر لشيء لم تتوقعه؛ أمام جثمان ملقى على الرصيف واستغاثة أهله، تجمد الوقت حال التفكير، لتمضي ما يزيد عن الساعة بسيارتها في سبيل نقله، ينقضي العام على الموقف، ويبقى الواجب والإنسانية دافعها لفعل الأمر ذاته إن عاد الزمن بها لهذا اليوم مرة أخرى.

صباح يوم 14 أغسطس 2013 تحركت "منة" برفقة بعض الأصدقاء، حان وقت فض الاعتصام، علم الجميع بالأمر، احتفظت بسيارتها في مكان بعيد بعض الشيء عن الميدان، حتى لا ينالها ضرر، توجهت بغرض المساعدة، دوي طلقات الرصاص الذي يخترق سمعها مع بداية اليوم والغاز المسيل للدموع ينذر بوقوع الكثير من الضحايا.

مع الثالثة والنصف فرغت بطاريات الهواتف المحمولة والكاميرات، قرر الجميع الرجوع لإعادة شحنها، ومع العودة في غضون الخامسة مساءً كان المشهد الذي انهك طاقة الفزع لدى "منة"، فبات ما بعده أخف وطأة كأنه إعداد لما ستلاقيه "لقينا الناس طالعة ظهرها لرابعة ووشها لنا"، بمدخل شارع "أنور المفتي" أبصرت منه الحشود تهرول، فراود ذاكرتها صورة سبق أن رأتها، انسابت الكلمات على لسانها "إحنا في حرب البوسنة ولا إيه"، إذ كان للقطة فوتوغرافية شهيرة قريبة الشبه بذلك الموقف الفضل في وقف الحرب حينذاك.

قبيل ذلك اليوم بما يقرب الشهر، قررت الفتاة العشرينية الذهاب إلى اعتصام رابعة العدوية "في اليوم اللي خطب فيه محمد بديع"، لم يكن دافعها في ذلك عملها بالصحافة بقدر رغبة شخصية في رؤية الأمر بعينيها، ما أثر رفضها لهدف الاعتصام واختلافها مع أفكاره مع إيمانها بحق الجميع في الفعل ذاته، وواصلت الذهاب للمتابعة، ولأن الاختلاف مع الفكر لا يعني تمني الموت لأصحابه فلم تتراجع "منة" يوم الفض.

"الجيش قال لهم اللي له جثة ياخدها وكل الناس تطلع بره" أخبرهم جمع من الناس "منة" ورفاقها لمنعهم من الدخول، في الوقت الذي تعالى به النداء لكل من يمتلك سيارة أن ينقل المصابين لأقرب مستشفى، فعلى الفور لبت الفتاة النداء، اتفقت مع الأصدقاء أن ينتظرونها حتى تأتي، لكن مع عودتها لم تجد أي منهم، اتصلت بهم لكن الهواتف كانت غير متاحة، وقررت أن تواجه الأمر بمفردها، وتنقل رجل مصاب برفقه ابنه، وما لبثت أن تهم بذلك حتى واجهها شابان لا يتجاوزا العشرين من العمر، حاملين جثمان مغطى بـ"لحاف"، وضعوه على مقدمة سياراتها.

توسل قدمه الشابان لتنقل "منة" شقيقهما لمكان سكنهم بشبرا، رفضت في باديء الأمر لبعد المسافة، مع تردد الأنباء عن إعلان حظر التجوال، والساعة تقترب من السادسة مساءً، ما تواجد من سيارات خاصة كان ينقل المصابين كأولوية للانقاذ، في ظل وجود سيارة إسعاف واحدة، وكذلك قررت "منة" أن تسير على النهج ذاته، غير أن مشهد وضع الجثمان على الرصيف وجلوس أحد أشقاؤه يبكي لاطمًا على وجهه جواره ما ترك لها خيار آخر رغم مشقة المسؤولية.

داخل سياراتها الصغيرة انتهى الأمر، إلى جوارها جلس رجل مصاب من الإسكندرية، وبحقيبة العربة ركب ابنه، وفي الخلف الشقيقان وعلى أرجلهم جسد المتوفى، السبيل إلى أقرب مستشفى تتولى إجراءات الدفن والإسعاف، لكن الوجهة تغيرت مع الاقتراب من مسجد "فاطمة الزهراء" القريب من المنطقة "لقيت عسكري قال لي لو اتحركتي دقيقة عن كده هتتاخدي وكل اللي معاكي دول"، فما كان بديل عن الرجوع.

رغم سكن "منة" بمدينة نصر لكنها المرة الأولى لمعرفتها مسجد الإيمان الذي كان السبيل الوحيد بعد رفض مستشفيتان استقبال أي من مرافيقيها -المصاب والمتوفى، ليتوجهوا إلى المسجد، لم يكن على صورته الشهيرة المليئة بالأكفان عندما وصلت إليه، فكانت الشاب الذي تنقل جثمانه أول مَن يصل المكان.

مع دخول ساعات الليل افترق الجمع؛ مصاب الإسكندرية أخبرها أنه سيمكث ليعود إلى محافظته بالصباح، وأما شقيقا المتوفى بعد أن تركاها لدقائق مرت على "منة" ثقيلة مع الجثمان المستلقى بالمقعد الخلفي،استوقفوا سيارة أجرة تقلهم إلى شبرا، ليُختمم الموقف بمحاولات إجلاس المتوفى مكشوف الوجه كأنه لم يمت تجنبًا لمخاطر الطريق، دون معرفة أي تفاصيل عن ذلك الشخص وإن كان تم تسجيله بين أرقام الضحايا أم لا.

تستعيد الصحفية الشابة تلك اللحظات بعد مرور عام، بالإحساس ذاته "مكنتش حاسة بحاجة.. بعد ما روحت الموضوع قلب معايا بضحك"، خاصة بعد عودتها المنزل ورؤية جثث أخرى تصطف أسفل العقار، يتم تكفينها على أضواء الكشافات، كما هي فقط وضع لصاقة عليها الاسم لتحملها السيارات إلى المسجد، مشاهد الدماء اعتادتها الفتاة لكن "دي أول مرة أشوف ميت في حياتي.. وكل اللي كنت خايفة منه أنه يتكشف وشه.. مكنتش عايزة أحفظ شكله".

غسل السيارة من أثار الدماء بالكيماوي، ذكرى وقت توقفت فيه عن التفكير، وهول المشهد الذي تجمدت حواسها أمامه بداية الأمر، كل ذلك لم يحد "منة" عن موقفها بل بث بها شيء من الثبات "لو رجع بيا الزمن هروح وانقل جثث تانية".


 

في الذكري الأولي لفض رابعة والنهضة.. مصراوي يرصد حجم الخسائر المادية

التعليقات