كتبت ـ هاجر حسني:
تصوير ـ محمود بكار:
لوحة فنية متكاملة الأركان تنبثق منها الحيوية على الرغم من ثباتها، يتصدر المشهد رجلان بزي صعيدي، جلباب شمرا عن أكمامهِ مسبقا ليكشف عن ساعدين تنفر منهما عروق الجنوب بسمارة، أصابع تقبض بشدة على طرف العصى ملوحة به في اتجاه منافسه مُحذرة تارة و مداعبة تارة أخرى.
''التحطيب'' ليس مجرد تسلية اخترعها أهل الجنوب للترفيه في أوقات الفراغ، و لكنه فن توارثوه من أجدادهم الفراعنة وبات وسام الإعتزاز الذي يفخر به كل جنوبي متى تحدث الناس عنه، و مظهر للاحتفال في الأعياد و المناسبات.
في حلقة دائرية حول المتباريين جلس من أحب التحطيب في أولى أيام عيد الفطر في إحدى قرى محافظة الأقصر لأداء طقس من طقوسهم للاحتفال، رؤوس مشرئبه و أعين محملقة و أجساد ساكنة في انتظار أن يعلن الفائز هزيمة منافسه، تعجب يعلو وجوه المتفرجين من قدرة المُحطِب على التحكم في العصا، ايقاعات الأرجل سريعة و متداخلة و لكنها واثقة، تمايلات جسدية عنيفة و لكنها مقصودة، نظرات ثاقبة تكاد تخترق رأس المنافس لتتبين الحركة التالية و تستعد لها.
متى يعلن أحد الرجلين هزيمة الآخر تسري ضحكات قوية نابعة من سعادة غامرة يليها ضمة رجولية واحدة يلتقي فيها الكتفين ليبدأ آخرين في مباراة جديدة.
بالصور: أطفال المعهد القومي للأورام.. ''العيد فرحة'' رغم أنف المرض
