ايجى ميديا

الأحد , 20 أبريل 2025
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

بالصور.. بوجي وطمطم يستقبلان مصراوي في بيت ''رحمي''

-  
بوجي وطمطم يستقبلان مصراوي في بيت رحمي
بوجي وطمطم يستقبلان مصراوي في بيت رحمي

كتب- أحمد الليثي وإشراق أحمد ودعاء الفولي:

يوم جديد بزغت شمسه، هو ليس معها منذ ثلاث عشر عامًا، لا يؤنس وحدتها إلا هُم، لا يتكلمون، بل هي التي تفعل، بابتسامة تتأرجح بين البهتان والإشراق، تُحدثهم عما تُريد أن تفعل في يومها بدونه، تشكو إليهم افتقاده ''معلش.. ربنا يفك أسركوا''، تعتبرهم أبناء؛ تُخبرهم أن أكبر آمالها حلم يأتي فيه زوجها يطمئنها كما تعوّد، هم عرائس زيّنوا الشاشات، وبالنسبة لها جزء من روح الحبيب، صنعهم كأنما يعرف أنهم سيبقون معها.

''بوجي وطمطم وطماطم وطنط شفيقة'' ينظرون بوجوههم المرحة لـ''فوقية خفاجي''، زوجة الفنان الراحل ''محمود رحمي''، تتعكز عليهم، وتُملّي عينيها من مقتنياته الموجودة في البيت الذي عاش فيه يومًا.

إطار ذهبي يزين الذكريات المتراصة على جدران البيت، به –المنزل- يمر شريط الطفولة أمام العين، تنشرح النفس مع التلفظ بأسماء العرائس، يتبعها سيرة عطرة وكلمات ترحم لصانع الفرحة، ومبدع رسم الابتسامة على ثغر صغار كان تقليدهم لسنوات أن يعجلوا من تناول الإفطار كي لا يضيع عليهم لو دقائق من الحلقة.

بوجي وطمطم

على يمين باب المنزل تمتد صورة طولية، هي الأكبر بين أخواتها، يد رحمي اليمنى ترتفع بجائزة ذهبية اللون، اليسرى تحتضن شهادة تقدير، وجه مُبتسم بدأ طريقه بالموهبة منذ كان في المرحلة الثانوية ''أخد جايزة في النحت من بنالي الإسكندرية سنة 58 وهو لسه في ثانوي''، غرفة الأشغال بالمدرسة قضى بها معظم الوقت، كلل ذلك بالالتحاق بكلية الفنون الجميلة قسم النحت في الإسكندرية، ثم انضم إلى أهل القاهرة عندما جاء مع أستاذه ''جمال السجيني'' إلى فرع الزمالك لإكمال الدراسة.

معرض للمنحوتات أقامه الطالب ''رحمي'' عام 61، شاهده بعض الزملاء من نفس المجال، شعر أن رسالته أوسع من دائرة العارفين بالفن فقط؛ فترك مجال النحت واتجه للفنون الشعبية والعرائس ''كان شاف فرقة من رومانيا بتلعب بالعرايس فانبهر بالفن ده''.

بوجي وطمطم

بمجرد انتقاله لفن العرائس قرر طرق باب التليفزيون المصري، الذي اُفتتح سنة 60 ''وبالفعل عمل أول قسم للعرايس في مبنى ماسبيرو''، التجربة والاختراع كانا محور حياة رحمي، لم يكن ذلك الفن معروفًا حينها في مصر، الهدف كان صناعة عروسة تحمل صفات الشخصية المصرية  ''كان لما بيروح السينما ويشوف ميكي ماوس يقول أنا حزين''، لهذا جاء ''بقلظ'' أول عروسة له؛ أراجوز ملتصق باثنين من الأسلاك، ومجوف من الداخل للتحريك، اعتقد أنها الأقرب للروح الشعبية المصرية، بجانبه صنع عرائس أخرى.

أنشأ الفنان الراحل إدارة خاصة بالعرائس في التليفزيون، تضم مصممين ومُنفذين وقسم للأزياء والديكور، استقطب إليها خريجي الفنون الجميلة، أعمال كثيرة قدمها، أشهرها بوجي وطمطم، هو ما نال عنه الجائزة التي تُزين صورتها الكُبرى حائط المنزل، عام 1995 من مهرجان الإذاعة والتليفزيون، وشارك في إبداعات أخرى مثل تنفيذ عرائس أوبريت الليلة الكبيرة، ودورة الألعاب الإفريقية التي اُقيمت عام 92 باستاد القاهرة الدولي، حيث صنع تمثال حورس الضخم الذي زيّن خلفية الاحتفالات.

بوجي وطمطم

''هيليوبلس 1931'' توقيع حملته صورة اُلتقطت لـ''رحمي'' الأب قبل ثمانية أعوام من مجيء ابنه الكبير ''محمود''، فكانت ملامحه التي تحملها وتشبهه شيء مما احتفظ به عن والده الذي رحل عنه وهو في الرابعة من عمره وأخيه ''نبيل'' -6شهور-، فيما تكفلت حكايات والدته باكتمال الصورة عنه بأنه رجل وطني، موطنه الأصلي المنيا قبل الاستقرار في الإسكندرية، بأبو قير أحاطت العائلة بـ''رحمي'' الصغير، لم يعِ معنى كلمة ''رجل البيت'' ليس فقط لصغر سنه بل لوجود أخ أكبر ''إسماعيل'' ومن بعده ''حفيظة''، أشقاء من الأم قبل أن تتزوج أبيه.

بوجي وطمطم

الصيد مهنة الأخ الكبير، بمركب حملت اسم تدليله ''البوجي'' احتفظت ذاكرة ''رحمي'' حتى حانت اللحظة التي عاونته بها أسرته الصغيرة بعد انتقاله إلى القاهرة لدراسة فن النحت، ومن ثم العمل بالتليفزيون حتى كتابة وإخراج مسلسل الأطفال الشهير، فمن لقب أخيه كان ''بوجي''.

في السبعينيات كانت خطوة مهمة بمسيرة الفنان؛ مسرح صغير يظهر على الشاشة، فوقه فتاة صغيرة تدعى ''توتة'' يحكي لها العم كل يوم قصة، يلقي عليها التحية بالنهاية مودعًا إياها لتنام، أدى ''رحمي'' دور الراوي، بينما رافق الصغيرة قرد، فكان برنامج ''توتة وسمسم''.

بوجي وطمطم

لم يكن ليتوقف صانع العرائس عن تطوير أفكاره، فعلى نهج الفتاة والصبي وصبغة الخيال الذي اعتمد عليه في كل أعماله، خلق الشخصيات؛ أرنب وقرد ورفاق من النسانيس، فخرج ''بوجي وطمطم'' العمل الذي ارتبطت به أجيال الثمانينات خاصة، استطاع ''رحمي'' أن يُظهر العرائس كأنها شخصيات حقيقة دون الانتباه أو إيجاد غضاضة أنها حيوانات تتحدث حتى في المواسم التي أضيف لها ممثلين فعليين، هو يعرف جيد خيال الطفل ويحاكيه دون قيود أو أسئلة نمطية، فقط ''الإبداع'' يحكمه.

ظهور بوجي وطمطم على شاشة التليفزيون حتم ابتكار ''رحمي'' وسيلة مختلفة لتحريكهم، لم يستطع المسئولون عن التحريك بـ''ماسبيرو'' حينها فعل ذلك لاختلاف تصميمهم عن غيرهم، فما كان من ''أبو العرائس'' إلا الاستعانة بأشبال فرق البالية، لما لديهم من حس موسيقى ومرونة في الحركة وكلما كبرت أعمارهم جاء بغيرهم دربهم فـعلى سواعد الصغار أيضًا قام المسلسل.

بوجي وطمطم

واكتملت الدائرة برفيق الدرب ''صلاح جاهين''، فلا تذكر زوجته أن حزن ''رحمي'' على صديق مثلما فعل حين موته عام 86، فهو أول مَن عرض عليه فكرة مسلسل بوجي وطمطم، بل وكتب أغاني موسمين كاملين عام 84 و85، والتي كانت الأشهر بالمسلسل الذي ظل يعرض قرابة 18 عام كأغنية ''بطني بتوجعني''، حتى أن ابنه ''بهاء'' أكمل المسيرة في كتابة الأغاني، غير أن رحيل الشاعر ترك أثرًا في نفس رحمي، كان يلازمه في المستشفى أواخر حياته ''ولما مات كان الناس بيعزوا رحمي في البيت هنا كأن حد من العيلة مات''.

بحقيبة بلاستيكية تحمل مزيد من اللقطات بمسيرة رائد العرائس، كانت صورة فوتوغرافية باهتة الألوان قليلًا، اُلتقطت في أوائل التسعينات، لها قصة ككل نظيراتها بالمنزل؛ ''رحمي'' مبتسمًا ينظر للأسفل تجاه الأجساد الصغيرة المتحلقة حوله بلا تحفظ.

للعراق ذهب صانع العرائس مع وفد من السينمائيين لمؤازرة البلد العربي ضد الحصار، خاصة مع وجود مصابين وقتلى، أكثر من ممثل مصري تواجدوا، وقف أمامهم بعض الأطفال العراقيين، بعيدًا عن الجمع كان ''رحمي''، صوت يظهر من الوسط ''عارفين يا ولاد مين اللي عامل بوجي وطمطم.. الراجل اللي هناك''، يركض الأطفال يلتفون حوله ''وقتها حس إنه ندم عشان مكنش بيروح دول عربية قبل كدة''، من العراق بدأت رحلته، يرى أطفال العرب فيتسع حلم رسالته ليشملهم ''كان نفسه يعمل لهم حاجة''، فكرة خطرت بذهنه، أسماها ''بوجي وطمطم في بلاد العرب''، لم تُنفذ لكنها ظلت حية بخياله حتى مات عنها.

بوجي وطمطم

على استحياء تحكي الزوجة عن علاقتهما، عوضًا عن الحديث تنتفض من جلستها، تُحضر صورة جديدة للراحل، يبدو فيها أصغر سنًا، يضع نظارات شمسية، له سمت عُرفت به فترة السبعينيات ''لما عرفته كان شبه الصورة دي''، كانت قد أنهت تعليمها للتو بكلية الفنون الجميلة عام 76 وجاءت من المنوفية للقاهرة، قبل أن يصطحبها صديق أخيها ''المهندس كاظم'' إلى التليفزيون لتعمل معه ''روحت له أكتر من مرة ومعرفتش أقابله''، تذكره حينها كأستاذ معروف بأعماله مُسبقًا.

فرق السن بينهما أربعة عشر عامًا، غير أن ذلك لم يكن عائقًا بالمرة، عملا سويًا في بوجي وطمطم ومن قبلها ''توتة وسمسم'' قبل أن يتزوجا ''عرفت أخطفه من العالم كله''، يعلو صوتها ضاحكة، قبل أن تقول بجدية ''هو كان زكي.. عارف يختار الست اللي بتحبه وهتراعي شغله''، فخر يعتريها أنها كانت هذه المرأة.

النصف الآخر له هى فوقية، متجاوران في كل شيء، بالبيت زوجة وفي التليفزيون معاونة، تنفذ التصميم ''بوجي وطمطم شغل إيدي''، يأتمنها دون غيرها فصار لا يكتب ورقة في ''بوجي وطمطم'' إلا وقرأتها ليرى رد فعلها، كتوم هو فيما هى ''واخدة على طبيعتي''، كأنما تتولى الحديث عنه، وكما كانا بالواقع، كانت صورتهما مجاورتان لبعضهما البعض في الصالة على الحائط بين مسيرة عمل مصور لـ''الاستاذ.. الفنان''، كما تداوم على تلقيبه، تقديرها له امتد بعد الممات، طالبت بتسمية الشارع الذي جمع منزلهما باسمه، فجاء قرار المحافظة بذلك.

بوجي وطمطم

كانت حياة ''رحمي'' للطفل، وكان هو كل حياتها، تذلل له العقبات حينما تكثر الطعنات ''كتير كان عايز يتوقف لما يتعب لكن اشجعه أنه يكمل''، لهذا كان اختيار الفنان لابنة المنوفية.

مرتان تتذكرهما السيدة الستينية طيلة فترة زواجهما استجاب لرأيها فيهم رغم أنه ''في شغله وفنه محدش كان يضيف له''؛ الأولى ببداية عمل ''بوجي وطمطم''، كان ''رحمي'' غير مسئول عن التأليف غير أنها لاحظت في جلسات التحضير أنه كلما قرأ ورقة ''شطب عليها'' وأعاد الكتابة، وخرج الموسمين الأوائل دون اسم ''رحمي'' في الكتابة، فقط الإخراج والفكرة ''قلت له لما تعمل الكلام وينتشر باسم ناس تانية ما تكتبه أنت''، فتوالت المواسم حتى نهايتها حاملة لاسم رحمي فكرة وكتابة وسيناريو.

وأما الواقعة الثانية؛ بعد وفاة ''فهمي عبد الحميد'' عُرض عليه عمل الفوازير، ولم يكن رافضًا بل رغب في ذلك لكنها وقفت له ''قلت له أي حد يعمل فوازير لكم اللي أنت بتعمله لأ.. أنت بتربي طفل وجيل كامل''.

منضدة تقبع أسفل الصورة الطولية، رُصت عليها مقتنيات رحمي من جوائز حصل عليها، إحداها من اليابان، أخرى من التليفزيون المصري، صورة لها إطار كُتبت داخلها كلمة ''رحمي'' بإمضائه الشخصي المعروف، ذاك الركن لم يأت من فراغ، حورب صاحبه كثيرًا حتى ناله، أكثر من موقف تذكرهم الزوجة ''أحيانًا كان المسلسل يتشال من التليفزيون.. هو كان يزعل ويسأل فيتقال له مفيش وقت''، تكرر ذلك أكثر من مرة، أحيانًا يكون الرد عدم وجود ميزانية فيصيبه الإعياء جراء هذا.

بوجي وطمطم

بغرفة مفتوحة على الصالة كان جلوس ''رحمي'' طيلة 25 عامًا، أمام طاولة لا تغيب عنها الأدوات، ورقة وقلم، فنجان قهوة، علبة السجائر، يكتب ويرسم لساعات لا حصر لها ''لما يدخل في الشغل ماحدش يوقفه إن شاء الله يشتغل 24 ساعة''، ملازمًا لمنزله أغلب الأوقات، يأتيه الأقارب والأصدقاء أكثر من ذهابه إليهم.

طاولة الطعام المنتصفة لغرفة المعيشة شهدت الكثير من ''ماكيتات'' العرائس، التي تعلوها صورها متصدرة باب الدخول، فيما كان يجلس الفنانون أمثال يونس شلبي وهالة فاخر وغيرهم من رفاق عمل ''بوجي وطمطم'' على المقاعد الوثيرة جوارها، والتي يزينها الآن وجه ''طمطم'' –جانب من التمثال المنحوت- يستضيف الحضور بمنزل الفنان.

بالإطار الذهبي ذاته أحيطت صورة أحمد-أصغر أبناء رحمي- مع بوجي، يمين الحائط المقابل لباب الشقة وضعت، من أمامه كتاب، مرتديًا نظارة طبية بيضاء، ملامح الجدية تعتلي وجه الصغير وهو ينظر إلى العروسة، تلك الحالة التي يحرص عليها ''رحمي'' في تعامله مع الأطفال وما يقدمه له ''بيتعامل معاه أنه كائن له عقل وبيفكر''، كان يكره التدليل الزائد والتصغير المعروف في التعامل مع الطفل، يقف معه إن أحسن و''يدي له على دماغه لو غلط'' لكن دون المساس بالحنية التي يتصف بها.

بوجي وطمطم

''بوجي'' الابن البكري لـ''رحمي'' لم يرضَ بغير هذا بديل ولو على سبيل المزاح، حتى بعد أن رُزق أبنائه الثلاثة، ''إزاي تقول بوجي أحسن من أحمد'' بانفعال قالها لزميل في التليفزيون مداعبًا ابنه الصغير الذي لم يحب مشاهدة المسلسل خلاف أمثاله من الصغار ''عشان 6 شهور في السنة وأحنا متاخدين منه للمسلسل من أول ما يتكتب''.

ساعات طوال يقضيها مع صغاره من العرائس يصممها ويعطي لها من روحه، وفكره الذي يرغب أن يوصله للطفل، لكن ليس المنتمين للطبقات المرفهة ''أنا بعمل للطفل الفقير اللي في النجوع والحارة هو ده اللي عايزني لكن طفل مصر الجديدة عنده كل حاجة مش عايزني''.

يسار باب الدخول، يحتل مجسم ضخم، رغم الغطاء البلاستيكي المحيط به غير أن هويته تُعرف بمجرد النظر إليه، تمثال ''بوجي وطمطم'' مثل المتواجد قرب مبنى الإذاعة والتليفزيون، لكن بدا ينقصه بعض التفاصيل، عينان ''بوجي'' لازالت غائبة، تعكف الزوجة على إتمامه بنفسها، محاولة وضع لمسات تقترب من روح صانعه الأصلي، لكنها على يقين بعجز أي شخص ولو كانت هى بأن يأتي بمثل ما جاء به ''هذا الفنان''، بقدر إيمانها أن ما تفعله استكمال مسيرة الزوج ورائد أعمال الأطفال، لذلك تجد في العرائس مثله أبناء لها.

14 عامًا تحتفظ سيدة منزل ''رحمي'' بالعرائس، على نهجه تمضي، تراعي العرائس من أن يمسها الضر، وإن حدث أسرعت إنقاذها، باللصق أو شراء قطعة جديدة، في غرفة المعيشة بين الجوائز المتراصة يوجد ''شارلي شابلن'' بملابسه المعروفة غير أنه من السلك، فتاة صغيرة بشعر من الصوف برتقالي اللون استخدمها في الإعلانات، وكذلك بحجرة نومها تؤنسها بعض العرائس، لا تذكرها بشريك حياتها ''عشان أصلا مش بنساه''، برمضان 2011 أعاد باسم رحمي إنتاج جزء جديد من بوجي وطمطم، شاركت الزوجة في تحضيره، غير أن سمت رحمي كان مفقود سواء في السيناريو أو الشخصيات، إلا أنها لا تمانع المشاركة في جزء آخر ''لو السيناريو جيد''.

بوجي وطمطم

على حالتهم كأنهم يتحركون على شاشة التليفزيون بعد الإفطار كان ''بوجي وطمطم'' ورفقاءهم، رؤيتهم كفيلة لاستثارة الذاكرة بصوت ''يونس شلبي'' و''هالة فاخر'' و''إنعام سالوسة''  في جسد ''طنط شفيقة''، غير أن تحريكها–فوقية- لهم يزيد الأمر بهجة ''أنا البطل بوجي.. أنا طمطم الجميلة.. طماطم شوفتوني..'' تظل تحدثهم بصوت طفولي يخالطه بهجة.

ابتسامة خجلة ويد تحيي سوزان مبارك سيدة مصر حينها وجوارها صفوت الشريف وزير الإعلام الأسبق، على مسرح الاحتفال بأعياد الطفولة كان، متشحًا بالسواد في شتاء الثمانينات؛ تأخذ تلك الصورة مكانها خاتمة للأربعة الأخرين المعلقة في وجه الجالس جوار رأس مجسم لـ''طمطم''، يومان قضاهما في الإسكندرية قبل أن يتم التقاطها، توفيت والدته لكنه ما استطاع أن يتأخر عن عمله، حينها كانت وصيته أن يدفن جوار والدته.

رغم البهجة التي صنعها بقلوب الصغار، غير أن المرض أنهك قلبه منذ عام 1995، توالت الأزمات ومعها قرارات العلاج على نفقة الدولة بالخارج التي كان يرفضها ''كان خايف يروح مايرجعش'' كما حدث مع أخرين في تلك الفترة، لكنه ظل على عهده بالعمل، فكان عامه الأخير الأكثر نشاطًا ''كأن صغر 20 سنة'' رغم إحالته للمعاش عام 99، لكن تولي ''ميرفت رجب''، لرئاسة التليفزيون في ذلك الوقت كان له بالغ الأثر.

بوجي وطمطم

لم تنقطع عن لقائه أو مهاتفته لأخذ المشورة طوال 6 شهور مدة عملها بالتليفزيون ''نفسيًا كان حاسس أنه رئيس التليفزيون''، جاءته الأزمة القلبية الأخيرة بعد قيام عمال تركيب مكيف المكتب الذي استأجره بالجيزة لمواصلة عمله بوضعه عكس ما أراد، على إثر غضبه انتقل للمستشفى، ''لا اتشال ولا اتحط ولا اتهان'' ففيما كانت تستعد ''فوقية'' في 23 يوليو 2001 للاحتفال معه بعامه الـ62 رحل ''الفنان''.

في منطقة أبو قير حيث تلتحم السماء مع أمواج البحر، يسكن جسد ''رحمي''، كأنما أبى أن تنتهي مسيرته إلا في لوحة جمالية، تسر الناظرين وتربت على قلب المحبين، فلا حزن ودموع عند لقاء الزوجة كل عام، تنتظر هذا اليوم لتتنزه مع ذكراه بعنق لا تخلع عنه قلادة ذهبية تحمل اسمه وصورته، مخبرة إياه ''حتى وأنت ميت بتجيبني  في حتة حلوة''.


 

بالصور.. مصراوي يكشف الوجه الحقيقي لـ''بوجي''

التعليقات