كتب- محمد مهدي:
أحلام يقظة تجول في مخيلة المنضمين للقافلة الشعبية المتجهة إلى غزة، يشاهدون فيها أنفسهم يعبرون من رفح إلى أرض المقاومة، ينضمون إلى أشقائهم في الإنسانية والعروبة، يوزعون الطعام والدواء، يقولون للفلسطينيين لستم وحدكم، إننا معكم نشارككم الخطر، قطعنا مسافات من أجلكم.. دائما الأحلام وردية، لكن الواقع أحيانا يحطمها ويحولها إلى مرارة في القلب لا تطاق.. فالقافلة عادت مُرغمة.
لعشرة أيام، تطوع المئات من الشباب في جمع التبرعات لقافلة شعبية ستنطلق إلى غزة، مساعدة للفلسطينيين، وتعبيرا عن تضامن الشعب المصري معهم خلال الحرب مع إسرائيل، الحماس كان يلازمهم، الشعور بأنهم لم يقفوا عاجزين أمام الحدث الجلل يُشعل قدرتهم على المواصلة بنفس الرغبة، حتى جاءت لحظة الصفر لانطلاقهم ''اتجمعنا قدام نقابة الصحفيين.. اتسحرنا واتحركنا الساعة 6 ونص رايحين غزة'' الكلمات على لسان محمد فوزي أحد المتواجدين ضمن للقافلة.
القلق والترقب من ردود فعل الأمن المصري كان حاضرا بصحبة الشباب خلال الطريق ''كنا عارفين إننا ممكن نرجع من المعدية بتاعت القنطرة شرق أو كوبري السلام''، لكنهم قاوموا ذلك الشعور بالغناء وإلقاء الشعر الحماسي ''غنينا لمنير ومصطفى إبراهيم قال أكتر من قصيدة منها المانفيستو''، ودار حديث عن المعتقلين في السجون، وعن محاكمة ماهينور المصري ''الكلام عنهم نور وفرحة رغم حزننا عليهم''.
عند مرور القافلة من كوبري السلام بـ ''سلام'' دون وجود أي اعتراض أمني، بدى للشباب أن الأمور ستسير على ما يرام ''حصل نفس الكلام مع كارتة الإسماعيلية فالناس اتطمنت أكتر''، وعند الاقتراب من نقطة أمنية فوجئوا بترحيب قوات الأمن بهم، وتخصيص سيارات أمن لحماية القافلة ''لحظتها كنا مبسوطين جدًا.. والأمل بيزيد جوانا إننا هنوصل غزة بدون مشاكل''.
لم تتعرض القافلة الشعبية لأي مشكلة أمنية في أي كمين مروا به، أو تفتيش لهم من قِبل قوات الأمن، حتى وصلوا إلى كمين بالوظة ''هناك انتهت الرحلة واتكسرت أحلامنا على صخور الكمين دا''، رفضت القوات المسلحة مرورهم، وطلبت منهم المغادرة ''في البداية قالوا خايفين عليكم مفيش تأمين، قولنا هنمضي إقرارات، رفضوا'' كان الأمر سيتحول إلى اعتصام أو اشتباك لكن القائمين على القافلة سيطروا على الوضع قبل الانزلاق إلى ما لا يحمد عقباه.
شباب يبكي وآخريين اتشحت وجوههم بعلامات الإحباط والقهر ''حسينا إننا انهزمنا وفشلنا في تقديم عمل إنساني لأهالينا في غزة''، الغضب كان قابعا على صدور الجميع في طريق العودة، أسئلة تسري بداخل الحافلات التي يستقلونها ''ليه سابونا نعدي كل دا لما هيرجعونا تاني في عز الصيام''.
في الطريق وبعد تناول الإفطار في استراحة الجامع بعد ''كارتة'' الإسماعيلية، تلقت القافلة خبر مقتل الجنود المصريين بالوادي الجديد لتزداد كآبة المشهد، وتتثاقل الأحزان على قلوبهم، فضلا عن ما وصل إليهم من سب لهم وأحاديث على مواقع التواصل الاجتماعي تدين موقفهم وتزعم اصطدامهم مع القوات المسلحة ''عشان كدا قررنا نعمل مؤتمر صحفي نوضح فيه الحقيقة.. ودا اللي حصل رغم تعب اليوم''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا