كتبت- ندى سامي:
وقفت بجانب تلميذها الدكتور "عبد المنعم تليمه"، نبهته لعدم الانصياع لإغراءات السلطة وعدم الاجتراف للتنعم في بلاطها بعد أن ضغط عليهما للإشراف على رسالة دكتوراه للسيدة "جيهان السادات"، فردوا رسالتها ولم يعطوها الدرجة فدعمت موقف تلميذها النابه دون اعتراء... سهير القلماوي أول فتاة تحصل على درجه الماجيستير، بعد أن خطت خطواتها الأولى داخل أسوار جامعة فؤاد الأول، بكلية الآداب قسم اللغة العربية وسط 14 زميل لها.
لاذعتها هموم الحياة واختفاء المرأة من على خريطة العلم، فبدأت نشاطها النقدي في عامها الثالث من الجامعة، ونشرت مقالاتها في عدد من الصحف مثل الرسالة، والثقافة، وأبولو، تحت اسم الآنسة سهير القلماوي ويتبع العنوان أية قرأنية ذات صلة وثيقة بموضوع مقالها، فتنسجه كبنيان بكلمات مفحمة ولغة رفيعة، تنم عن ثقافة واطلاع الفتاة العشرينية التى تتحدى بقلمها مدعي جهل المرأة والإصرار على تهميشها.
واستكملت مسيرتها الباكرة وأشرفت على الصفحة النسائية في صحيفة البلاغ، وصحيفة كوكب الشرق، وأصبحت مسؤولة عن صفحة الجامعة المصرية، ورأست اللجان في عديد من المشروعات الثقافية، منها الموسوعة الميسرة، ولجنة ثقافة الطفل، ولجنة الجوائز التشجيعية، والمجلس القومي للطفولة والأمومة، ودار الكتاب العربي، ومؤسسة التأليف والنشر.
خاضت التجربة الشعرية تحت دوافع استثنائية بعد أن عصف قلبها بموت شقيقتها فرثتها في قصيدة "هي ماتت" والتي نشرت في مجلة "أبولو"، فعرف قلبها طريق الأحزان وتلتها بقصيدة "إلى الحرب" وصفت فيها لسان حال جندي ذاهب إلى الحرب متلهف على لقاء الموت والشهادة في سبيل الوطن.
كتبت عدة أعمال ذات طابع حكائي إبداعي مثل "أحاديث جدتي" و"ثم غربت الشمس" و "الشياطين تلهو"، وكانت رسالتها للماجستير عن أدب الخوارج، وأطروحتها للدكتوراه عن ألف ليلة وليلة، ولها دراسات ومقالات في النقد الأدبي ككتاب محاضرات في النقد الأدبي، وكتاب المحاكاة في الأدب، وترجمت عن المؤرخ أرنولد توينبي كتابه الفكر التاريخي عند الإغريق.
103 عام من مولد "القلماوي" رائدة العلم التي حملت لواء معارضة كابحي النساء، حصدت في مسيرتها الحاشدة عدة جوائز منها جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1977، والجائزة الأولى لمجمع اللغة العربية عن كتاب "ألف ليلة وليلة" عام 1943، وجائزة الدولة عن كتاب "المحاكاة في الأدب" عام 1955، و وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1978.