كتبت-إشراق أحمد:
بعد الإفطار تحين المشاهدة، أغلب أيام الشهر الكريم لا ينقطع فيها العزومات، يجلس أحمد حنفي مع العائلة، ناظرين للشاشة، ينقطع ما يشاهدون بفاصل إعلاني، تظهر كائنات خضراء أشبه بوحوش أفلام الرسوم المتحركة، يصرخون وينتهي الأمر بكلمات ''الحياة بقت صعبة ارجع لطبيعتك''، يليه آخر ''اسكن بعيد عن الناس اللي بتزعجك''، تتغير ملامح المحامي لا يقو على تغيير القناة، ''اللمة'' تمنعه، يتابع الوصلة الإعلانية، يظهر رجل ينبش في القمامة، يأكل منها، يحتفظ بما يجد، يعطيه لصغار ''جبتلكم أكل''، فيما يمتعض الشاب العشريني قائلاً ''زي حال البلد كل حاجة وعكسها''.
مع شهر رمضان، تطلق الشركات الإعلانية حملاتها المختلفة التي يقسمها صفوت العالم أستاذ الإعلان بكلية الإعلام –جامعة القاهرة- ما بين أكل وشرب وتبرعات حتى الأيام الأخيرة من الشهر فتنتقل إلى ''التهنئة بالعيد والكعك والبسكوت'' هكذا الأمر كل عام على حد قوله، فتلك الأيام للمعلن ''موسم'' يحرص على أن يستفيد منه بتحقيق أعلى نسبة مشاهدة ''مايفرقش معاه أي شيء غير أن الإعلان يتعرض''.
''هتستمتعي وأنت بتتفرجي على تمرين الأولاد جنب البيت.. الأولاد هيرتاحوا من الزحمة هيستمتعوا بلعب الكورة وسط البارك ..أول بارك مخصص للراحة'' صور نقية لأطفال يمرحون، ابتسامات أباء تحيط بهم وسط مساحات خضراء، بينما يسود الظلام الشاشة على حين غرة ''الجوع كلمة ..مسلسل الجوع مابينتهيش في رمضان..جبتي أكل يا مه''، تناقض يجده ''حنفي'' وإلحاح في توصيل العرض الإعلاني ''من الناحيتين مش كويس''.
وفيما يتفرغ مؤمن محمد بعد الإفطار لمشاهدة التلفاز، يأتي إعلان عن الفقر يتأثر به رغم أنه حبه فقط للإعلانات ''المبهرة''، يشعر الشاب بالذنب والتقصير، يغضب أحيانًا ليتحول ذلك الشعور إلى سباب ينال من المسؤولين، ويزداد مع مشاهد الصورة الباهرة لعقارات ودعوة الرجوع إلى الطبيعة في أول بارك مخصص للراحة، ''ده استهبال'' يقول لنفسه فيما تعجز يداه الراغبة في شيء من الراحة بعد يوم عمل في تغيير القناة ويواصل المشاهدة دون حراك حتى آذان العشاء.
التأثير الناتج عن تلك الإعلانات ''لا سلبي ولا إيجابي'' حسب أستاذ الإعلان، فالمعلن لا يفرق معه بين أي محتوى يوضع إعلانه، فهو موجه لفئة معينة ''يخلي اللي عايز شقة يروح واللي عايز يتبرع يروح برضو'' فوصول المحتوى للمشاهد وخلق صورة ذهنية له هو الهدف المرغوب فيه.